الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فلو ) ( وقعتا ) بمحل يمتنع تعددها فيه ( معا أو شك ) في المعية فلم يدر أوقعتا معا أم مرتبا ( استؤنفت الجمعة ) أي إن وسع الوقت لأن إبطال إحداهما ليس بأولى من الأخرى فوجب إبطالهما ، ولأن الأصل في صورة الشك عدم جمعة مجزئة ، وبحث الإمام أنه يجوز فيها تقدم إحدى الجمعتين فلا تصح جمعة أخرى فينبغي لبراءة ذمتهم بيقين أن يصلوا بعدها ظهرا . قال في المجموع : وما قاله مستحب وإلا فالجمعة كافية في البراءة كما قالوه ، لأن الأصل عدم وقوع جمعة مجزئة في حق كل طائفة . قال غيره : ولأن السبق إذا لم يعلم أو يظن لم يؤثر احتماله لأن النظر إلى علم المكلف أو ظنه لا إلى نفس الأمر ( وإن ) ( سبقت إحداهما ولم تتعين ) كأن سمع مريضان أو مسافران خارج المسجد تكبيرتين مثلا فأخبرا بذلك ولم يعرفا المتقدمة ممن ، وإخبار العدل الواحد كاف في ذلك كما استظهره الشيخ ( أو تعينت ونسيت ) بعده ( صلوا ظهرا ) لتيقن وقوع جمعة صحيحة في نفس الأمر ، ويمتنع إقامة جمعة بعدها والطائفة التي صحت الجمعة بها غير معلومة ، والأصل بقاء الفرض في حق كل طائفة فوجب عليهم الظهر ( وفي قول جمعة ) لأن المفعولتين غير مجزئتين فصار وجودهما كعدمهما ، وفي الروضة كأصلها ترجيح طريقة قاطعة في الثانية بالأول ، وقد أفتى الوالد رحمه الله تعالى في الجمع الواقعة في مصر الآن بأنها صحيحة ، سواء أوقعت معا أم مرتبا إلى أن ينتهي عسر الاجتماع بأمكنة تلك الجمعة ، فلا يجب أحد من مصليها صلاة ظهر يومها لكنها تستحب خروجا من خلاف من منع تعدد الجمعة بالبلد وإن عسر الاجتماع في مكان فيه ، ثم الجمع الواقعة بعد انتفاء [ ص: 304 ] الحاجة إلى التعدد غير صحيحة فيجب على مصليها ظهر يومها ، ومن لم يعلم هل جمعته من الصحيحات أو غيرها وجب عليه ظهر يومها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو شك ) قال حج : والمراد بالشك في المعية وقوعهما على حالة يمكن فيها المعية . ( قوله : استؤنفت الجمعة ) أي فلو أيس من ذلك جاز نقل الظهر عقب سلام الجمعة لليأس من فعلهم لها جمعة كما تقدم للشارح في قوله : نعم لو كان عدم إقامتهم لها أمرا عاديا إلخ ( قوله : وبحث الإمام ) ضعيف ( قوله : أنه يجوز فيها ) أي في الشك ( قوله : كأن سمع مريضان أو مسافران ) أي أو غيرهما ممن لا يمتنع عليه التخلف كقرب محله من المسجد وزيادته على الأربعين لتصح الخطبة في غيبته ، ومن ثم عبر بالكاف ( قوله : وإخبار العدل الواحد ) : بقي ما لو تعارض عليه مخبران . ففي الزركشي أنه يقدم المخبر بالسبق لأن معه زيادة علم ، ونازعه في الإيعاب بأن السبق إنما يرجح إذا كان مستنده يحصل زيادة العلم وما هنا ليس كذلك . قال : والحق أنهما متعارضان فيرجع ذلك للشك وهو يوجب استئناف الجمعة ( قوله : لكنها تستحب ) وهذا مفروض فيما إذا تعددت واحتمل كون جمعته مسبوقة .

                                                                                                                            أما إذا لم تتعدد أو تعددت وعلم أنها السابقة فلا يجوز إعادتها جمعة بمحله لاعتقاد بطلان الثانية ، ولا ظهرا لسقوط فرضه بالجمعة ، ولم يخاطب بالظهر في ذلك اليوم ، [ ص: 304 ] وعبارة شرح الإرشاد : ودخل في المكتوبة الجمعة فتسن خلافا للأذرعي ومن تبعه إعادتها عند جواز التعدد أو سفره لبلد آخر رآهم يصلونها ، ولو صلى معذورا الظهر ثم أدرك الجمعة أو معذورين يصلون الظهر سنت الإعادة فيهما ، ولا يجوز إعادة الجمعة ظهرا ، وكذا عكسه لغير المذكور انتهى ( قوله : غير صحيحة ) . [ فرع ] حيث لم تبرأ الذمة من الجمعة ووجبت الظهر هل تكون الجماعة فرض كفاية في هذه الحالة ؟ أفتى م ر بأنها تكون فرض كفاية كذا أخبر بذلك ا هـ سم على منهج ( قوله : ومن لم يعلم هل جمعته من الصحيحات أو غيرها ) وهذا موجود الآن في حق كل من أهل مصر لأن كلا منهم هل جمعته سابقة أو لا ( قوله : وجب عليه ظهر يومها ) ولا يقال إنا أوجبنا عليه صلاتين الجمعة والظهر بل الواجب واحدة فقط ، إلا أنا لم نتحقق ما تبرأ به الذمة أوجبنا كليهما ليتوصل بذلك إلى براءة ذمته بيقين ، وهذا كما لو نسي إحدى الخمس ولم يعلم عينها ، فإنا نعلم أن الواجب عليه واحدة فقط وتلزمه الخمس لتبرأ ذمته بيقين .

                                                                                                                            ثم رأيت في حاشية الشيخ عبد البر الأجهوري على المنهج ما نصه : فائدة : سأل الشيخ الرملي رحمه الله عن رجل قال : أنتم يا شافعية خالفتم الله ورسوله لأن الله تعالى فرض خمس صلوات وأنتم تصلون ستا بإعادتكم الجمعة ظهرا ، فماذا يترتب عليه في ذلك ؟ فأجاب بأن هذا الرجل كاذب فاجر جاهل ، فإن اعتقد في الشافعية أنهم يوجبون ست صلوات بأصل الشرع كفر وأجري عليه أحكام المرتدين ، وإلا استحق التعزير اللائق بحاله الرادع له ولأمثاله عن ارتكاب مثل قبيح أفعاله ، ونحن لا نقول بوجوب ست صلوات بأصل الشرع ، وإنما تجب إعادة الظهر إذا لم نعلم تقدم جمعة صحيحة ، إذ الشرط عندنا أن لا تتعدد في البلد إلا بحسب الحاجة ، ومعلوم لكل أحد أن هناك فوق الحاجة ، وحينئذ من لم يعلم وقوع جمعته من العدد المعتبر وجبت عليه الظهر وكان كأنه لم يصل جمعة ، وما انتقد أحد على أحد من الأئمة إلا مقته الله تعالى رضوان الله عليهم أجمعين ا هـ . وقال حجر بعد مثل ما ذكر الشارح : فإن قلت : فكيف مع هذا الشك يحرم أولا وهو متردد في في البطلان ؟ قلت : لا نظر لهذا التردد لاحتمال أن يظهر من السابقات المحتاج إليهن فصحت لذلك لأن الأصل عدم مقارنة المبطل ، ثم إن لم يظهر شيء تلزم الإعادة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وبحث الإمام أنه يجوز ) أي يحتمل ( قوله : ظهر يومها ) ظاهره ولو مع احتمال السبق وعدمه وكان وجهه النظر لما قدمه من جواز الظهر حينئذ إذا صار عدم إعادة الجمعة أمرا عاديا لا يتخلف كما هو الواقع .




                                                                                                                            الخدمات العلمية