الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : رجل أمره رجلان أن يحج عن كل واحد منهما فأهل بحجة عن أحدهما لا ينوي عن واحد منهما ، قال : له أن يصرفه إلى أيهما شاء في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى : أرى ذلك عن نفسه وهو ضامن لنفقتهما ، وحجته في ذلك أنه مأمور من كل واحد منهما بتعيين النية له ، فإذا لم يفعل صار مخالفا كما إذا نوى عنهما جميعا بخلاف الحاج عن الأبوين فإنه غير مأمور به من جهتهما . ألا ترى أنه يصح نيته عنهما فكذلك عن أحدهما بغير عينه ، وهذا لأن النية بمنزلة الركن في العبادات فإن قيمة العمل يكون بالنية فبتركه تعيين النية يكون مخالفا في حق كل واحد منهما وهما قالا : الإبهام في الابتداء لا يمنع من انعقاد الإحرام صحيحا والتعيين في الانتهاء بمنزلة التعيين في الابتداء . ألا ترى أنه لو أحرم لا ينوي [ ص: 160 ] حجة ولا عمرة بعينها كان له أن يعين في الانتهاء ويجعل ذلك كتعيينه في الابتداء ، وهذا لأن الإحرام بمنزلة الشرط لأداء النسك . ألا ترى أنه يصح في غير وقت الأداء ولا يتصل به الأداء فتركه نية التعيين فيه لا يجعله مخالفا ، وإذا عين قبل الاشتغال بعمل الأداء كان ذلك كالتعيين في الابتداء حتى أنه لو اشتغل بالطواف قبل التعيين لم يكن له أن يعين بعد ذلك عن واحد منهما ; لأنه لما اشتغل بالعمل تعين إحرامه عن نفسه فإن أداء العمل مع إبهام النسك لا يكون ، وليس أحدهما بأولى من الآخر فتعين إحرامه عن نفسه فلا يملك أن يجعله لغيره بعد ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية