الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                838 ص: حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا محمد بن سنان ، قال: ثنا شريك ، عن عبد العزيز بن رفيع ، قال: "سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى، ويقيم مثنى" .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح ورجاله ثقات، أما ابن خزيمة فإن ابن يونس وغيره وثقوه.

                                                ومحمد بن سنان العوقي روى عنه البخاري ، وقال ابن معين : ثقة مأمون.

                                                وشريك النخعي وثقه ابن معين فقال: صدوق ثقة. وقال العجلي : كوفي ثقة، وكان حسن الحديث.

                                                وعبد العزيز بن رفيع روى له الجماعة، وهو أحد مشايخ أبي حنيفة -رضي الله عنه-.

                                                وهذا دليل قاطع على أنه ثبت عند أبي محذورة انتساخ حكم إفراد الإقامة ، إذ لو كان ثابتا لما كان وسعه أن يأتي إلا بالإفراد، فلما أتى بها مثنى دل على أن التثنية هي الأصل فيها ، كما كان في أذان عبد الله بن زيد وإقامته.

                                                فهذا كما رأيت قد أخرج عن ثلاثة من الصحابة أنهم كانوا يثنون الإقامة، وهم: سلمة بن الأكوع ، وثوبان ، وأبو محذورة .

                                                وفي الباب عن عبد الله بن زيد الأنصاري ، وعلي بن أبي طالب .

                                                [ ص: 54 ] أخرج خبرهما ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا علي بن هاشم ، عن ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "كان عبد الله بن زيد الأنصاري مؤذن النبي -عليه السلام- يشفع الأذان والإقامة" .

                                                نا هشيم ، عن عبد الرحمن بن يحيى ، عن الهجيع بن قيس : أن عليا -رضي الله عنه- كان يقول: [الأذان مثنى والإقامة]، وأتى على مؤذن يقيم مرة مرة فقال: ألا جعلتها مثنى، لا أم لك" .

                                                وأخرج الطبراني في "الكبير" وقال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا زكريا بن يحيى ، ثنا زياد بن عبد الله ، عن إدريس الأودي ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال: "أذن بلال لرسول الله -عليه السلام- بمنى مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى" .

                                                وأخرجه الدارقطني : ثنا محمد بن مخلد ، ثنا أبو عون محمد بن عمرو بن عون ومحمد بن عيسى الواسطيان ، قالا: ثنا يحيى بن زكرياء ، ثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل ، عن إدريس الأودي ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه: " أن بلالا كان يؤذن للنبي -عليه السلام- مثنى مثنى، ويقيم مثنى مثنى، وقال ابن عون : بصوتين صوتين، وأقام مثل ذلك" .

                                                فهذا دليل صريح على أن أذان النبي -عليه السلام- وإقامته: مثنى مثنى على الدوام ؛ لأن قوله: "كان يؤذن" يدل على ذلك لأن "كان" للاستمرار والدوام، فافهم.




                                                الخدمات العلمية