الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ( 87 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، وأقروا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه حق من عند الله " لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، يعني ب"الطيبات " ، اللذيذات التي تشتهيها النفوس ، وتميل إليها القلوب ،

فتمنعوها إياها ، كالذي فعله القسيسون والرهبان ، فحرموا على أنفسهم النساء والمطاعم الطيبة ، والمشارب اللذيذة ، وحبس في الصوامع بعضهم أنفسهم ، وساح في الأرض بعضهم . يقول تعالى ذكره : فلا تفعلوا أيها المؤمنون ، كما فعل أولئك ، ولا تعتدوا حد الله الذي حد لكم فيما أحل لكم وفيما حرم عليكم ، [ ص: 514 ] فتجاوزوا حده الذي حده ، فتخالفوا بذلك طاعته ، فإن الله لا يحب من اعتدى حده الذي حده لخلقه ، فيما أحل لهم وحرم عليهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

12336 - حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس قال ، حدثنا عبثر أبو زبيد قال ، حدثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " الآية ، قال : عثمان بن مظعون وأناس من المسلمين ، حرموا عليهم النساء ، وامتنعوا من الطعام الطيب ، وأراد بعضهم أن يقطع ذكره ، فنزلت هذه الآية .

12337 - حدثنا حميد بن مسعدة قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثني خالد الحذاء ، عن عكرمة قال : كان أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هموا بالخصاء وترك اللحم والنساء ، فنزلت هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " .

12338 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية ، عن خالد ، عن عكرمة : أن رجالا أرادوا كذا وكذا ، وأرادوا كذا وكذا ، وأن يختصوا ، فنزلت : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " إلى قوله"الذي أنتم به مؤمنون " .

12339 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، قال : كانوا حرموا [ ص: 515 ] الطيب واللحم ، فأنزل الله تعالى هذا فيهم .

12340 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال ، حدثنا خالد ، عن عكرمة : أن أناسا قالوا : "لا نتزوج ، ولا نأكل ، ولا نفعل كذا وكذا"! فأنزل الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " .

12341 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : أراد أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفضوا الدنيا ، ويتركوا النساء ، ويترهبوا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فغلظ فيهم المقالة ، ثم قال : إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد ، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع! اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وحجوا ، واعتمروا ، واستقيموا يستقم لكم . قال : ونزلت فيهم : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، الآية .

12342 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، قال : نزلت في أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أرادوا أن يتخلوا من الدنيا ، ويتركوا النساء ويتزهدوا ، منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون .

12343 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن زياد بن فياض ، عن أبي عبد الرحمن قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا " .

[ ص: 516 ] 12344 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا جامع بن حماد قال ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة في قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، الآية ، ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رفضوا النساء واللحم ، وأرادوا أن يتخذوا الصوامع . فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس في ديني ترك النساء واللحم ، ولا اتخاذ الصوامع ، وخبرنا أن ثلاثة نفر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفقوا ، فقال أحدهم : أما أنا فأقوم الليل لا أنام! وقال أحدهم : أما أنا فأصوم النهار فلا أفطر! وقال الآخر : أما أنا فلا آتي النساء! فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا؟ قالوا : بلى! يا رسول الله ، وما أردنا إلا الخير! قال : لكني أقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ، وآتي النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني وكان في بعض القراءة : ( من رغب عن سنتك فليس من أمتك وقد ضل عن سواء السبيل ) . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لأناس من أصحابه : إن من قبلكم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فهؤلاء إخوانهم في الدور والصوامع! اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وصوموا رمضان ، وحجوا واعتمروا ، واستقيموا يستقم لكم .

[ ص: 517 ] 12345 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما فذكر الناس ، ثم قام ولم يزدهم على التخويف . فقال أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا عشرة ، منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون : ما خفنا إن لم نحدث عملا! فإن النصارى قد حرموا على أنفسهم ، فنحن نحرم! فحرم بعضهم أكل اللحم والودك ، وأن يأكل بالنهار ، وحرم بعضهم النوم ، وحرم بعضهم النساء . فكان عثمان بن مظعون ممن حرم النساء ، وكان لا يدنو من أهله ولا يدنون منه . فأتت امرأته عائشة ، وكان يقال لها : "الحولاء " ، فقالت لها عائشة ومن عندها من نساء النبي صلى الله عليه وسلم : ما بالك ، يا حولاء متغيرة اللون لا تمتشطين ولا تطيبين؟ فقالت : وكيف أتطيب وأمتشط ، وما وقع علي زوجي ، ولا رفع عني ثوبا ، منذ كذا وكذا! فجعلن يضحكن من كلامها . فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن يضحكن ، فقال : ما يضحككن؟ قالت : يا رسول الله ، الحولاء ، سألتها عن أمرها فقالت : "ما رفع عني زوجي ثوبا منذ كذا وكذا"! فأرسل إليه فدعاه فقال : ما بالك يا عثمان ؟ قال : إني تركته لله لكي أتخلى للعبادة! وقص عليه أمره . وكان عثمان قد أراد أن يجب نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقسمت عليك إلا رجعت فواقعت أهلك ! فقال : يا رسول الله إني صائم ! قال : أفطر! فأفطر ، وأتى أهله . فرجعت الحولاء إلى عائشة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت . فضحكت عائشة ، فقالت : ما بالك يا حولاء ؟ فقالت : إنه أتاها أمس ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 518 ] ما بال أقوام حرموا النساء ، والطعام ، والنوم ؟ ألا إني أنام وأقوم ، وأفطر وأصوم ، وأنكح النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني! فنزلت : "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا " ، يقوللعثمان : لا تجب نفسك . فإن هذا هو الاعتداء وأمرهم أن يكفروا أيمانهم ، فقال : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " .

12346 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، قال : هم رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : نقطع مذاكيرنا ، ونترك شهوات الدنيا ، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل ، إليهم ، فذكر ذلك لهم فقالوا : نعم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأنكح النساء ، فمن أخذ بسنتي فهو مني ، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني .

12347 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، وذلك أن رجالا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، منهم عثمان بن مظعون ، حرموا النساء واللحم على أنفسهم ، وأخذوا الشفار ليقطعوا مذاكيرهم ، لكي تنقطع الشهوة ويتفرغوا لعبادة ربهم . فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما أردتم ؟ فقالوا : أردنا أن تنقطع الشهوة عنا ، ونتفرغ لعبادة ربنا ، ونلهو عن النساء! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم أومر بذلك ، ولكني أمرت في ديني أن أتزوج النساء! فقالوا ، نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنزل الله تعالى ذكره : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ، إلى قوله : "الذي أنتم به مؤمنون" .

[ ص: 519 ] 12348 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : أراد رجالا ، منهم عثمان بن مظعون وعبد الله بن عمرو ، أن يتبتلوا ، ويخصوا أنفسهم ، ويلبسوا المسوح ، فنزلت هذه الآية إلى قوله : "واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون " قال ابن جريج ، عن عكرمة : أن عثمان بن مظعون ، وعلي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، والمقداد بن الأسود ، وسالما مولى أبي حذيفة في أصحاب ، تبتلوا فجلسوا في البيوت ، واعتزلوا النساء ، ولبسوا المسوح ، وحرموا طيبات الطعام واللباس إلا ما أكل ولبس أهل السياحة من بني إسرائيل ، وهموا بالإخصاء ، وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار ، فنزلت : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ، يقول : لا تسيروا بغير سنة المسلمين ، يريد : ما حرموا من النساء والطعام واللباس ، وما أجمعوا له من صيام النهار وقيام الليل ، وما هموا به من الإخصاء . فلما نزلت فيهم ، بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن لأنفسكم حقا ، وإن لأعينكم حقا! صوموا وأفطروا ، وصلوا وناموا ، فليس منا من ترك سنتنا ! فقالوا : اللهم أسلمنا واتبعنا ما أنزلت!

12349 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب ، عن ابن زيد في قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، قال ، قال أبي : ضاف عبد الله بن رواحة ضيفا ، فانقلب ابن رواحة ولم يتعش ، فقال [ ص: 520 ] لأهله : ما عشيته ؟ فقالت : كان الطعام قليلا فانتظرت أن تأتي ! قال : فحبست ضيفي من أجلي ! فطعامك علي حرام إن ذقته ! فقالت هي : وهو علي حرام إن ذقته إن لم تذقه! وقال الضيف : هو علي حرام إن ذقته إن لم تذوقوه ! فلما رأى ذلك قال ابن رواحة : قربي طعامك ، كلوا بسم الله! وغدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أحسنت ! فنزلت هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " ، وقرأ حتى بلغ : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " ، إذا قلت : "والله لا أذوقه " ، فذلك العقد .

12350 - حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عثمان بن سعد قال ، حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني إذا أصبت من اللحم انتشرت ، وأخذتني شهوتي ، فحرمت اللحم؟ فأنزل الله تعالى ذكره : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " .

12351 - حدثنا عمرو بن علي قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا خالد الحذاء ، عن عكرمة قال : هم أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 521 ] بترك النساء والخصاء ، فأنزل الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " الآية .

واختلفوا في معنى"الاعتداء " الذي قال تعالى ذكره : " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " .

فقال بعضهم : "الاعتداء " الذي نهى الله عنه في هذا الموضع : هو ما كان عثمان بن مظعون هم به من جب نفسه ، فنهي عن ذلك ، وقيل له : "هذا هو الاعتداء" .

وممن قال ذلك السدي .

12352 - حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثني أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عنه .

وقال آخرون : بل ذلك هو ما كان الجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هموا به من تحريم النساء والطعام واللباس والنوم ، فنهوا أن يفعلوا ذلك ، وأن يستنوا بغير سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم . وممن قال ذلك عكرمة .

12353 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عنه .

وقال بعضهم : بل ذلك نهي من الله تعالى ذكره أن يتجاوز الحلال إلى الحرام .

ذكر من قال ذلك :

12354 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا المحاربي ، عن عاصم ، عن الحسن : " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا " ، قال : لا تعتدوا إلى ما حرم عليكم .

[ ص: 522 ] وقد بينا أن معنى"الاعتداء " ، تجاوز المرء ما له إلى ما ليس له في كل شيء ، فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته .

قال أبو جعفر : وإذ كان ذلك كذلك وكان الله تعالى ذكره قد عم بقوله : "لا تعتدوا " ، النهي عن العدوان كله كان الواجب أن يكون محكوما لما عمه بالعموم حتى يخصه ما يجب التسليم له . وليس لأحد أن يتعدى حد الله تعالى في شي من الأشياء مما أحل أو حرم ، فمن تعداه فهو داخل في جملة من قال تعالى ذكره : "إن الله لا يحب المعتدين" .

وغير مستحيل أن تكون الآية نزلت في أمر عثمان بن مظعون والرهط الذين هموا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هموا به من تحريم بعض ما أحل الله لهم على أنفسهم ، ويكون مرادا بحكمها كل من كان في مثل معناهم ممن حرم على نفسه ما أحل الله له ، أو أحل ما حرم الله عليه ، أو تجاوز حدا حده الله له . وذلك أن الذين هموا بما هموا به من تحريم بعض ما أحل لهم على أنفسهم ، إنما عوتبوا على ما هموا به من تجاوزهم ما سن لهم وحد ، إلى غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية