الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وأما في شدة الخوف والتحام القتال فيجوز أن يترك القبلة إذا اضطر إلى تركها ، يصلي حيث أمكنه لقوله تعالى { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال ابن عمر رضي الله عنهما : " مستقبلي القبلة وغير مستقبليها " ولأنه فرض اضطر إلى تركه فصلى مع تركه كالمريض إذا عجز عن القيام ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الذي نقله عن ابن عمر رواه البخاري في صحيحه ، لكن سياقه مخالف لهذا ، فرواه عن نافع أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال : يتقدم الإمام وطائفة من الناس فذكر صفتها قال : فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها قال نافع : لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لفظ البخاري ذكره في كتاب التفسير من [ ص: 212 ] صحيحه . قال أبو الحسن الواحدي رحمه الله في تفسير الآية : فإن خفتم - أي : عدوا - قال : والرجال جمع راجل كصاحب وصحاب ، وهو الكائن على رجله ماشيا كان أو واقفا ، قال : وجمعه رجل ورجالة ورجالة ورجال ورجال ، والركبان جمع راكب كفارس وفرسان ، قال : ومعنى الآية فإن لم يمكنكم أن تصلوا قائمين موفين للصلاة حقوقها فصلوا مشاة وركبانا ، فإن ذلك يجزيكم ، قال المفسرون : هذا في حالة المسايفة والمطاردة . قال ابن عمر في تفسير هذه الآية : مستقبلي القبلة وغير مستقبليها هذا آخر كلام الواحدي ، فصرح بأن كلام ابن عمر تفسير للآية وهو ظاهر عبارة المصنف ، والصواب أن هذا ليس تفسيرا للآية ، بل هو بيان حكم من أحكام صلاة الخوف وهو ظاهر ما نقلناه من رواية البخاري . ( أما حكم المسألة ) فيجوز في حال شدة الخوف الصلاة إلى أي جهة أمكنه ، ويجوز ذلك في الفرض والنفل ، وسيأتي مبسوطا في باب صلاة الخوف إن شاء الله تعالى . وقول المصنف : ولأنه فرض اضطر إلى تركه أراد بقوله : فرض أنه شرط فإن استقبال القبلة شرط . وليس مراده أنه يجب عليه الاستقبال ، فإنا لو حملناه على هذا لم تدخل فيه صلاة النافلة فإنه يستبيحها في شدة الخوف إلى غير القبلة كالفريضة ، صرح به صاحب التهذيب وغيره . قال صاحب الحاوي : ولو أمكنه أن يصلي في شدة الخوف قائما إلى غير القبلة أو راكبا إلى القبلة صلى راكبا إلى القبلة ولم يجز أن يصلي إلى غير القبلة قائما ; لأن استقبال القبلة آكد من القيام ، ولهذا سقط القيام في النفل مع القدرة بلا عذر ، ولم يسقط الاستقبال بلا عذر .




                                      الخدمات العلمية