الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ثم ينظر فإن كان واقفا نظرت فإن كان في قطار لا يمكنه أن يدير الدابة إلى القبلة صلى حيث توجه ، وإن كان منفردا لزمه أن يدير رأسه إلى القبلة ; لأنه لا مشقة عليه في ذلك ، وإن كان سائرا - فإن كان في قطار أو منفردا والدابة حرون يصعب عليه إدارتها - صلى حيث توجه ، وإن كان سهلا ففيه وجهان .

                                      ( أحدهما ) يلزمه أن يدير رأسها إلى القبلة في حال الإحرام لما روى أنس رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه } ( والمذهب ) أنه لا يلزمه ; لأنه يشق إدارة البهيمة في حال السير ) .

                                      [ ص: 215 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 215 ] الشرح ) حديث أنس رواه أبو داود بهذا اللفظ بإسناد حسن ، وحاصل ما ذكره الأصحاب أن المتنفل الراكب في السفر إذا لم يمكنه الركوع والسجود والاستقبال في جميع صلاته بأن كان على سرج وقتب ونحوهما ففي وجوب استقباله القبلة عند الإحرام أربعة أوجه ، أصحها إن سهل وجب وإلا فلا ، فالسهل أن تكون الدابة واقعة وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها ، أو كانت سائرة وبيده زمامها فهي سهلة . وغير السهلة أن تكون مقطرة أو صعبة ، والثاني : لا يجب الاستقبال مطلقا ، وصححه المصنف وشيخه القاضي أبو الطيب والثالث : يجب مطلقا ، فإن تعذر لم تصح صلاته ، والرابع : إن كانت الدابة عند الإحرام متوجهة إلى القبلة أو طريقه أحرم كما هو ، وإن كانت إلى غيرهما لم يصح الإحرام إلا إلى القبلة .

                                      قال القاضي حسين نص الشافعي رحمه الله في موضع على وجوب الاستقبال وفي موضع أنه لا يجب ، فقيل قولان ، وقيل حالان ، ويفرق بين السهل وغيره ، والاعتبار في الاستقبال بالراكب دون الدابة ، فلو استقبل هو عند الإحرام والدابة منحرفة أو مستديرة أجزأه بلا خلاف ، وعكسه لا يصح إذا شرطنا الاستقبال ، وإذا لم نشترط الاستقبال عند الإحرام فعند السلام أولى ، وإن شرطناه عند الإحرام ففي اشتراطه عند السلام وجهان مشهوران ، أصحهما لا يشترط ، ولا يشترط في غير الإحرام والسلام بالاتفاق ، لكن يشترط لزوم جهة المقصد في جميعها ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى قريبا وأما ما وقع في التنبيه وتعليق القاضي أبي الطيب من اشتراط الاستقبال عند الركوع والسجود فباطل لا يعرف ولا أصل له والله أعلم .

                                      قال أصحابنا : وليس عليه وضع الجبهة في ركوعه وسجوده على السرج والإكاف ولا عرف الدابة ولا المتاع الذي بين يديه ، ولو فعل جاز ، وإنما عليه في الركوع والسجود أن ينحني إلى جهة مقصده ، ويكون السجود أخفض من الركوع . قال إمام الحرمين والفصل بينهما عند التمكن محتوم ، والظاهر أنه لا يجب مع ذلك أن يبلغ غاية وسعه في الانحناء ، وأما باقي الأركان فكيفيتها ظاهرة .




                                      الخدمات العلمية