الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 216 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن صلى على الراحلة متوجها إلى مقصده فعدلت إلى جهة نظرت فإن كان جهة القبلة جاز ; لأن الأصل في فرضه جهة القبلة ، فإذا عدلت إليه فقد أتي بالأصل ، وإن لم تكن جهة القبلة - فإن كان ذلك باختياره مع العلم - بطلت صلاته ; لأنه ترك القبلة لغير عذر ، وإن نسي أنه في الصلاة أو ظن أن ذلك طريق بلده أو غلبته الدابة لم تبطل صلاته ، فإذا علم رجع إلى جهة المقصد ، قال الشافعي رحمه الله ويسجد للسهو ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) ينبغي للمتنفل ماشيا أو راكبا أن يلزم جهة مقصده ، ولا يشترط سلوك نفس الطريق ، بل الشرط جهة المقصد ، فلو انحرف المتنفل ماشيا أو حرف الراكب دابته أو انحرفت نظرت فإن كان الانحراف والتحريف في طريق مقصده وجهاته ومعاطفه لم يؤثر ذلك في صحة صلاته بلا خلاف وإن طال ; لأن ذلك كله من جملة مقصده وموصل إليه ولا بد له منه ، وسواء طال هذا التحريف وكثر أم لا لما ذكرناه . وإن كان التحريف والانحراف إلى جهة القبلة لم يؤثر أيضا بلا خلاف ; لأنها الأصل ، وإن كان إلى غير جهة المقصد وهو عامد مختار عالم بطلت صلاته بلا خلاف ، وإن كان ناسيا أو جاهلا ظن أنها جهة مقصده ، فإن عاد على قرب لم تبطل صلاته ، وإن طال ففي بطلانها وجهان ، الأصح تبطل ككلام الناسي لا تبطل بقليله وتبطل بكثيره على الأصح ، وبهذا قطع الصيدلاني والبغوي وغيرهما . والثاني : لا تبطل ، وبه قطع الشيخ أبو حامد وآخرون .

                                      وإن غلبته الدابة فانحرف بجماحها وطال الزمان ففي بطلان صلاته وجهان .

                                      ( الصحيح . ) تبطل كما لو كان يصلي على الأرض فأماله إنسان قهرا ; لأنه نادر ( والثاني ) لا تبطل . وبه قطع الشيخ أبو حامد وإن قصر الزمان فطريقان :

                                      ( أحدهما ) أنه كالطويل ، حكاه الغزالي في الوجيز وأشار إليه في الوسيط قال الرافعي وغيره : لم نر هذا الخلاف لغيره :

                                      ( والثاني ) وهو المذهب وبه قطع المصنف والجمهور : لا تبطل قطعا لعموم الحاجة ، ثم إذا لم تبطل في صورة النسيان فإن طال الزمان سجد للسهو . وإن قصر فوجهان ( الصحيح ) المنصوص لا يسجد وفي صورة الجماح أوجه أصحها يسجد . [ ص: 217 ]

                                      ( والثاني ) لا .

                                      ( والثالث ) إن طال سجد ، وإلا فلا . وهذا كله تفريع على المذهب الصحيح أن النفل يدخله سجود السهو . وفيه قول غريب سنوضحه في موضعه إن شاء الله تعالى أنه لا يدخله .



                                      ( فرع ) إذا انحرف المصلي على الأرض فرضا أو نفلا عن القبلة نظر - إن استدبرها أو تحول إلى جهة أخرى عمدا - بطلت صلاته ، وإن فعله ناسيا وعاد إلى الاستقبال على قرب لم تبطل ، وإن عاد بعد طول الفصل بطلت على أصح الوجهين وهما كالوجهين في كلام الناسي إذا كثر ، ولو أماله غيره عن القبلة قهرا فعاد إلى الاستقبال بعد طول الفصل بطلت بلا خلاف ، وإن عاد على قرب فوجهان ، أصحهما تبطل أيضا ; لأنه نادر ، كما لو أكره على الكلام فإنها تبطل على الصحيح من الوجهين ; لأنه نادر .




                                      الخدمات العلمية