الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وينجس كثير طعام مائع بنجس قل )

                                                                                                                            ش : يعني أن الطعام المائع يتنجس بالنجاسة القليلة إذا وقعت فيه ولو كان الطعام [ ص: 109 ] كثيرا كالزير والجب وسواء حصل فيه تغير أم لا والفرق بينه وبين الماء أن الماء له قوة الدفع عن نفسه بخلاف الطعام ، وهذا هو المعروف من المذهب وحكى المازري عن بعضهم أنه إذا لم يتغير الطعام لم يتنجس وهو في غاية الشذوذ .

                                                                                                                            وما ذكرناه من نجاسة الطعام الكثير بالنجس القليل هو المذهب ، ووقع في العتبية في أول كتاب الوضوء ما يقتضي عدم نجاسة الطعام الكثير المائع بقليل النجاسة فإنه قال : قال مالك في الماء الكثير تقع فيه القطرة من البول أو الخمر : إن ذلك لا ينجسه والطعام والودك كذلك إلا أن يكون يسيرا ففهمها الباجي وغيره على الخلاف للمشهور وحكى ابن الحاجب القولين وأول ابن رشد الرواية المذكورة على أن المعنى أن القطرة من الطعام والودك لا تؤثر في الماء الكثير قال : وقوله إلا أن يكون يسيرا أي يكون الماء قليلا يتغير بعض أوصافه فينجس بالنجاسة وينضاف بالطعام قائلا لم يقل أحد إن يسير النجاسة لا ينجس الطعام إلا داود .

                                                                                                                            ومن شذ عن الجمهور وخالف الأصول قال وقد سئل علماء البيرة عن فأرة طحنت مع قمح في رحا الماء فقال يغربل الدقيق ويؤكل فبلغ ذلك سعيد بن أبي عمر فقال عليهم بحرز العجول لا يؤكل على كل حال . ابن رشد وهو الصحيح وإنما غلط علماء البيرة من حمل هذه الرواية على ظاهرها والعجب من القرافي - رحمه الله - حيث اقتصر في ذخيرته على رواية العتبية هذه ولم يحك غيرها ، وقد استبعد البساطي - رحمه الله - تأويل ابن رشد للرواية المذكورة ، والظاهر حملها على الخلاف والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية