الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل [ قبول رواية العبد دون شهادته ]

وأما قوله : " وقبل شهادة العبد عليه صلى الله عليه وسلم بأنه قال : كذا وكذا ولم يقبل شهادته على واحد من الناس بأنه قال : كذا وكذا ، فمضمون السؤال أن رواية العبد مقبولة دون شهادته .

والجواب أنه لا يلزم الشارع قول فقيه معين ولا مذهب معين ، وهذا المقام لا ينتصر فيه إلا الله ورسوله فقط ، وهذا السؤال كذب على الشارع ; فإنه لم يأت عنه حرف واحد أنه قال لا تقبلوا شهادة العبد ، بل ردوها ، ولو كان عالما مفتيا فقيها من أولياء الله ومن أصدق الناس لهجة ، بل الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة والميزان العادل قبول شهادة العبد فيما تقبل فيه شهادة الحر ; فإنه من رجال المؤمنين فيدخل في قوله تعالى { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } كما دخل في { : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } وهو عدل بالنص والإجماع ، فيدخل في قوله تعالى : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } كما دخل في قوله صلى الله عليه وسلم : { يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله } ويدخل في قوله : { وأقيموا الشهادة لله } وفي قوله : { ولا تكتموا الشهادة } وفي قوله : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } الآية ، كما دخل في جميع ما فيها من الأوامر ، ويدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : { فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا } وقال أنس بن مالك : ما علمت أحدا رد شهادة العبد ، رواه الإمام أحمد عنه ، وهذا أصح من غالب الإجماعات التي يدعيها المتأخرون ; فالشهادة على الشارع بأنه أبطل شهادة العبد وردها شهادة بلا علم ، ولم يأمر الله برد شهادة صادق أبدا ، وإنما أمر بالتثبت في شهادة الفاسق .

التالي السابق


الخدمات العلمية