الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 251 ] ( ومن تزوج امرأتين في عقدة واحدة وإحداهما لا يحل له نكاحها صح نكاح التي يحل نكاحها وبطل نكاح الأخرى ) لأن المبطل في إحداهما ، بخلاف ما إذا جمع بين حر وعبد في البيع لأنه يبطل بالشروط الفاسدة ، وقبول العقد في الحر شرط فيه ، ثم جميع المسمى للتي يحل نكاحها عند أبي حنيفة رحمه الله ، وعندهما يقسم على مهر مثليهما [ ص: 252 ] وهي مسألة الأصل .

التالي السابق


( قوله ومن تزوج امرأتين في عقدة واحدة وإحداهما لا تحل له ) لرضاع أو قرابة محرمة ( صح نكاح المحللة وبطل نكاح المحرمة ، بخلاف ما إذا جمع بين حر وعبد في البيع ) حيث لا يصح في العبد لأن قبول العقد في الحر شرط فاسد في بيع العبد فيبطله ، وهنا المبطل يخص المحرمة والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة ( قوله ثم جميع المسمى للتي يحل نكاحها عند أبي حنيفة . وعندهما يقسم على مهر مثليهما ) كأن يكون المسمى ألفا ومهر مثل المحرمة ألفان والمحللة ألف فيلزم ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث درهم للتي صح نكاحها ويسقط الباقي ، ولو كان دخل بالتي لا تحل فالمذكور في الأصل أن لها مهر مثلها بالغا ما بلغ والألف كلها للمحللة ، قال في المبسوط : وهو الأصح على قول أبي حنيفة . وما ذكر في الزيادات فهو قولهما أن لها مهر مثلها ولا يجاوز حصتها من الألف ، [ ص: 252 ] ولو كان صح نكاحهما انقسمت الألف على مهر مثليهما اتفاقا ( قوله وهي مسألة الأصل ) مثل هذا اللفظ يقصد به الإحالة على ذلك الكتاب لتتميم متعلقات المسألة منه . وحاصل المذكور لهما فيه أن المسمى قوبل بالبضعين ولم يسلما ، وكل ما قوبل بشيئين ولم يسلما فاللازم حصة السالم .

بيان تقرر الكبرى شرعا ما لو اشترى عبدين بألف . فإذا أحدهما مدبر أو خاطب امرأتين بالنكاح بألف فأجابت إحداهما دون الأخرى بل ما نحن فيه أولى فإن المحرمة دخلت في العقد عنده ولذا لا يحد بوطئها مع العلم بالحرمة عنده ومن ضرورة دخولها انقسام البدل . وله منع كلية الكبرى بل المضموم إلى المحللة إما محل أو لا ، ففي الأول ينقسم وفي الثاني لا ، كما لو ضم جدارا أو حمارا فإن الكل فيه للمحل والضم لغو وضم المحرمة كذلك ، فإن حكم النكاح الحل ، فالمحرمة ليست بمحل فلم تدخل والمدبر مال فهو محل ، ولذا لو قضى القاضي بجواز بيعه نفذ فيدخل في العقد ثم يستحق نفسه بحق الحرية ، وسقوط الحد عنده في وطء المحرمة المعقود عليها من حكم صورة العقد ، وسنبين وجهه إن شاء الله تعالى في كتاب الحدود لا من حكم انعقاده والانقسام من حكم الانعقاد . والانقسام في المخاطبتين للاستواء في الإيجاب للمحلية ، فإنهما لو أجابتا صح نكاحهما معا وانقسم عليهما .

هذا وقد ادعى أن ما في الزيادات من أنه لو دخل بالتي لا تحل كان لها مهر مثلها لا يجاوز حصتها من الألف قول أبي حنيفة ، فاستشكل بأنه فرع دخولها في العقد ، ودفع بأنه قولهما لا قوله في الأصح ، وقوله يجب مهر مثلها بالغا ما بلغ ، وبتقدير التسليم فالمنع من المجاوزة لمجرد التسمية ورضاها بالقدر المسمى لا بدخولها في العقد . فأما الانقسام للاستحقاق فباعتبار الدخول في العقد ، فالتي تحل هي المختصة بذلك فالكل لها . وقد يورد أيضا على قوله إن لها مهر مثلها بالغا ما بلغ أن عدم الدخول في العقد يقتضي أجنبيتها عنه ، فبأي وجه يجب مهر مثلها وهو فرع الدخول في عقد فاسد ؟ ويجاب بأن وجوبه بالعذر الذي وجب به درء الحد وهو صورة العقد . ويورد على قولهما أيضا كيف وجب لها حصتها من الألف بالدخول وهو حكم دخولها في العقد ثم يجب الحد ، ولا يجتمع الحد والمهر ، ولا مخلص إلا بتخصيصهما الدعوى فيجب الحد لانتفاء شبهة الحل والمهر للانقسام بالدخول في العقد .




الخدمات العلمية