الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب التشديد فيه 2237 - ( عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم { لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه } .

                                                                                                                                            رواه الخمسة وصححه الترمذي غير أن لفظ النسائي : { آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه إذا علموا ذلك ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة } ) .

                                                                                                                                            2238 - ( وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 225 ] { درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية } رواه أحمد ) . حديث ابن مسعود . أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه وأخرجه مسلم عن حديث جابر بلفظ : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه هم سواء }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            وفي الباب عن علي عليه السلام عند النسائي وعن أبي جحيفة تقدم في أول البيع .

                                                                                                                                            وحديث عبد الله بن حنظلة وأخرجه أيضا الطبراني في الأوسط والكبير ، قال في مجمع الزوائد : ورجال أحمد رجال الصحيح ، ويشهد له حديث البراء عند ابن جرير بلفظ : { الربا اثنان وستون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه } .

                                                                                                                                            وحديث أبي هريرة عند البيهقي بلفظ : { الربا سبعون بابا أدناها الذي يقع على أمه } وأخرجه ابن جرير عن نحوه وكذلك أخرجه عنه نحوه ابن أبي الدنيا .

                                                                                                                                            وحديث عبد الله بن مسعود عند الحاكم وصححه بلفظ : { الربا ثلاثة وسبعون بابا ، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم } قوله : ( آكل الربا ) بمد الهمزة ( ومؤكله ) بسكون الهمزة بعد الميم ويجوز إبدالها واوا أي ولعن مطعمه غيره ، وسمي آخذ المال آكلا ودافعه مؤكلا ; لأن المقصود منه الأكل وهو أعظم منافعه وسببه إتلاف أكثر الأشياء .

                                                                                                                                            قوله : ( وشاهديه ) رواية أبي داود بالإفراد والبيهقي وشاهديه أو شاهده . قوله : ( وكاتبه ) فيه دليل على تحريم كتابة الربا إذا علم ذلك وكذلك الشاهد لا يحرم عليه الشهادة إلا مع العلم ، فأما من كتب أو شهد غير عالم فلا يدخل في الوعيد ، ومن جملة ما يدل على تحريم كتابة الربا وشهادته وتحليل الشهادة والكتابة في غيره قوله تعالى: { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } وقوله تعالى: { وأشهدوا إذا تبايعتم } فأمر بالكتابة والإشهاد فيما أحله وفهم منه تحريمهما فيما حرمه . قوله : ( أشد من ست وثلاثين ) . . . إلخ يدل على أن معصية الربا من أشد المعاصي ; لأن المعصية التي تعدل معصية الزنا التي هي في غاية الفظاعة والشناعة بمقدار العدد المذكور بل أشد منها ، لا شك أنها قد تجاوزت الحد في القبح وأقبح منها استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم ، ولهذا جعلها الشارع أربى الربا ، وبعد الرجل يتكلم بالكلمة التي لا يجد لها لذة ولا تزيد في ماله ، ولا جاهه فيكون إثمه عند الله أشد من إثم من زنى ستا وثلاثين زنية هذا ما لا يصنعه بنفسه عاقل نسأل الله تعالى السلامة آمين آمين .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية