الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والخامس ما يقع عليه اسم دعاء المؤمنين ) بأخروي لا دنيوي ويكون ( في الثانية ) لاتباع السلف والخلف ولأن الدعاء يليق بالخواتيم ، والمراد بالمؤمنين الجنس الشامل للمؤمنات وبهما عبر في الوسيط وفي التنزيل { وكانت من القانتين } وجرى عليه القاضي حسين والفوراني ، وعبارة الانتصار : ويجب الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ولو خص الحاضرين فقال رحمكم الله كفى ، والأوجه عدم الاكتفاء بتخصيصه بالغائبين . وجزم ابن عبد السلام في الأمالي والغزالي بتحريم الدعاء للمؤمنين والمؤمنات بمغفرة جميع ذنوبهم وبعدم دخولهم النار ، لأنا نقطع بخبر الله تعالى وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن فيهم من يدخل النار ، وأما الدعاء بالمغفرة في قوله تعالى حكاية عن نوح { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات } ونحو ذلك فإنه ورد بصيغة الفعل في سياق الإثبات ، وذلك لا يقتضي العموم لأن الأفعال نكرات ، ولجواز قصد معهود خاص وهو أهل زمانه مثلا ( وقيل لا يجب ) لعدم وجوبه في غير الخطبة ككذا فيها كالتسبيح ، بل يسن ولا بأس كما في الروضة والمجموع بالدعاء للسلطان بعينه إن لم يكن في وصفه مجازفة قال ابن عبد السلام : ولا يجوز وصفه بالأوصاف الكاذبة إلا لضرورة . ويسن الدعاء لأئمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل ونحو ذلك .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويكون في الثانية ) أي وجوبا ( قوله : والمراد بالمؤمنين الجنس ) هذا يقتضي أنه لو خص المؤمنات بالدعاء كفى لتصدق الجنس بهن لكنه غير مراد ( قوله وفي التنزيل ) استدلالا على أنه يصح أن يراد بصيغة الذكور ما يشمل الإناث انتهى سم على منهج ( قوله : فقال رحمكم الله كفى ) ولا بد من عدم صرفه ، فلو صرف ذلك للرحمة الدنيوية لم يكف ( قوله : بتحريم الدعاء للمؤمنين ) أي لجميع المؤمنين ( قوله : بمغفرة جميع ذنوبهم ) قال الزين العراقي بعد مثل ما ذكر : وهذا مردود بعلته لورود ذلك عن الخلف والسلف ، وخروجهم من النار إنما هو بالمغفرة والرحمة ، فلا مانع من تعميم الدعاء بذلك انتهى حج في الإيعاب . ويجاب بأن ما تمسك به لا يصلح ردا على الغزالي فيما ذكره بأن من خرج من النار بالمغفرة لم يغفر له جميع ذنبه ، إذ لو غفر الجميع لم تمسه النار ولا دخلها ، والذي منعه الغزالي إنما هو مغفرة جميع الذنوب لكل مؤمن بحيث لا تمس النار واحدا منهم ( قوله : ولجواز قصد معهود خاص ) جواب ثان عطف على مضمون قوله فإن ورد إلخ ( قوله : ويسن الدعاء لأئمة المسلمين ) أي في الخطبة الثانية وتحصل السنة بفعله في الأولى أيضا ، لكن في الثانية أولى لما [ ص: 317 ] قدمه من أن الدعاء أليق بالخواتيم .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 316 ] قوله : والمراد بالمؤمنين الجنس الشامل للمؤمنات ) أي فيجب التعرض لهن معهم كما يصرح بذلك قوله : وبهما عبر في الوسيط : أي فقال للمؤمنين والمؤمنات ، وأصرح منه في ذلك قوله : وعبارة الانتصار إلخ ، إذ هو نص في أنه عبارة عما أراده بالجنس ، ومثله قول القاضي أبي الطيب : ويستغفر في الثانية للمؤمنين والمؤمنات . قال الأذرعي : إنه يشعر بوجوب التعرض للمؤمنات وإن لم يحضرن ا هـ .

                                                                                                                            لكن في حواشي المنهج للشهاب سم ما نصه : قوله : والمراد بالمؤمنين الجنس هل يجب هذا المراد حتى لو خص الذكور لم يكف ؟ قال م ر : لا يجب . أقول : ويدل عليه قولهم لو خص السامعين فقال رحمكم الله كفى . ا هـ . وقد لا يكون في السامعين مؤمنات . ا هـ ما في الحاشية . وقد فهم شيخنا في حاشيته طبق ما فهمه الشهاب المذكور فجزم به من غير تردد فليحرر




                                                                                                                            الخدمات العلمية