الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
297 [ ص: 352 ] حديث تاسع وثلاثون ليحيى بن سعيد

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة أنه قال : جاء عثمان بن عفان إلى صلاة العشاء ، فرأى أهل المسجد قليلا ، فاضطجع في مؤخر المسجد ينتظر الناس أن يكثروا ، فأتاه ابن أبي عمرة فجلس إليه ، فسأله من هو ، فأخبره ، فقال له : ما معك من القرآن ؟ فأخبره ، فقال عثمان : من شهد العشاء فكأنما قام نصف ليلة ، ومن شهد الصبح فكأنما قام ليلة .

التالي السابق


وهذا - أيضا - لا يكون مثله رأيا ، ولا يدرك مثل هذا بالرأي ، وقد روي مرفوعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ورواه ابن جريج ، عن يحيى بن سعيد قال : أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة قال : خرج عثمان إلى العشاء الآخرة ، فذكر مثل حديث مالك سواء إلى آخره بلفظه ومعناه موقوفا لم يرفعه .

ذكره عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، وكذلك رواه عن يحيى بن سعيد موقوفا كما رواه مالك ، وابن جريج ، ويزيد بن هارون ، وعبد الوهاب الثقفي .

[ ص: 353 ] ورواه عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف ، وهو عندهم ثقة لا بأس به ، وليس كيحيى بن سعيد في الإتقان والجلالة ، عن محمد بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمرة ، عن عثمان مرفوعا .

رواه عن عثمان بن حكيم سفيان الثوري ، وعبد الواحد بن زياد العبدي ، ذكره عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن عثمان بن حكيم ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن عثمان بن عفان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلى العشاء في جماعة فهو كنصف قيام ليلة ، ومن صلى العشاء والصبح في جماعة فهو كقيام ليلة .

وأخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسحاق بن يوسف قال : حدثنا سفيان ، عن أبي سهل يعني عثمان بن حكيم قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة .

هكذا في حديث عثمان بن حكيم هذا المرفوع : من صلى العشاء والفجر في جماعة ، فكأنما قام ليلة .

وفي حديث يحيى بن سعيد من قول عثمان - رضي الله عنه - من شهد الصبح في جماعة ، فكأنما قام ليلة لم يذكر معها العشاء .

[ ص: 354 ] وكذلك في حديث الشفاء ، عن عمر بن الخطاب من قوله ، ذكره مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة : أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح ، وأن عمر غدا إلى السوق ، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق ، فمر على الشفاء أم سليمان ، فقال : لم أر سليمان في الصبح ، فقالت : إنه بات يصلي ، فغلبته عيناه ، فقال عمر : لأن أشهد صلاة الصبح أحب إلي من أن أقوم ليلة .

هكذا رواه مالك ، وخالفه معمر في إسناده ، والقول في ذلك قول مالك - والله أعلم - .

ورواه أبو حفص الأبار ، عن يحيى بن سعيد مرفوعا ، إلا أنه جعل في موضع العشاء الصبح ، وفي موضع الصبح العشاء ; حدثناه أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا أحمد بن الحسن الصيرفي حدثنا أبو الربيع الزهراني ، عن عمر بن عبد الرحمن الأبار ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام ليلة ، وصلاة الصبح في جماعة تعدل قيام نصف ليلة .

ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سليمان بن أبي حثمة ، عن الشفاء ابنة عبد الله قالت : دخل عمر بن الخطاب ، فوجد عندي رجلين نائمين ، فقال : ما شأن هذين : أما شهدا الصلاة قالت : يا أمير المومنين صليا مع الناس - وكان ذلك في [ ص: 355 ] رمضان ، فلم يزالا يصليان حتى أصبحا ، ثم صليا الصبح ، ثم ناما ، فقال عمر : لأن أصلي الصبح في جماعة أحب إلي من أن أصلي ليلة حتى أصبح .

ليس في هذا الحديث حكم ، وإنما فيه فضل صلاة الفريضة في جماعة ، وزعم بعض الناس أن فيه دليلا على جواز صلاة الرجل وحده ، وإن كانت مفضولة ، وليس ذلك بالبين في هذا الحديث ; لأنه يجوز أن يكون صلاها بعد كالفائتة ، وقد مضى القول في هذه المسألة .




الخدمات العلمية