الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1749 [ 924 ] وعن أنس بن مالك قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي ، فجبذه بردائه جبذة شديدة ، نظرت إلى صفحة عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك . فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضحك ، ثم أمر له بعطاء .

                                                                                              وفي رواية : ثم جبذه إليه جبذة رجع نبي الله في نحر الأعرابي .

                                                                                              وفي رواية : فجاذبه حتى انشق البرد ، وحتى بقيت حاشيته في عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 152 و 210 )، والبخاري (5809)، ومسلم (1057) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : " وعليه رداء نجراني " ; أي : من عمل أهل نجران ، وهذا يدل على إيثاره - صلى الله عليه وسلم - التقلل من الدنيا والتبلغ منها بما أمكن في اللباس والمطعم وغيره ، وأنه لم يكن بالذي يترفه في الدنيا ، ولا يتوسع فيها .

                                                                                              وهذا الحديث يدل: على ما وصف الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - : أنه على خلق عظيم ، وأنه رءوف رحيم . فإن هذا الجفاء العظيم الذي صدر من هذا الأعرابي ، لا يصبر عليه ، ولا يحلم عنه مع القدرة عليه إلا مثله ، ثم ضحكه - صلى الله عليه وسلم - عند هذه الجبذة [ ص: 102 ] الشديدة التي انشق البرد لها ، وتأثر عنقه بسببها ، حتى انفلت عن وجهته ، ورجع إلى نحر الأعرابي ; دليل على أن الذي تم له من مقام الصبر والحلم ما تم لأحد ، وهذا نظير صبره وحلمه يوم أحد ; حيث كسرت رباعيته ، وشج في وجهه ، وصرع على جنبه ، وهو في هذا الحال يقول : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ، - صلى الله عليه وسلم - ، وشرف وكرم .




                                                                                              الخدمات العلمية