الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قصة عمرو بن مرة الجهني

            قال الطبراني : حدثنا علي بن إبراهيم الخزاعي الأهوازي حدثنا عبد الله بن داود بن دلهاث بن إسماعيل بن عبد الله بن شريح بن ياسر بن سويد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أبي عن أبيه دلهاث عن أبيه إسماعيل أن أباه عبد الله حدثه عن أبيه أن أباه ياسر بن سويد حدثه عن عمرو بن مرة الجهني قال : خرجت حاجا في جماعة من قومي في الجاهلية فرأيت في نومي ، وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى وصل إلى جبل يثرب وأشعر جهينة فسمعت صوتا بين النور وهو يقول : انقشعت الظلماء ، وسطع الضياء ، وبعث خاتم الأنبياء ، ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن ، وسمعت صوتا من النور وهو يقول : ظهر الإسلام وكسرت الأصنام ، ووصلت الأرحام فانتبهت فزعا فقلت لقومي : والله ليحدثن لهذا الحي من قريش حدث ، وأخبرتهم بما رأيت فلما انتهينا إلى بلادنا جاءني رجل يقال له : أحمد قد بعث فأتيته فأخبرته بما رأيت فقال : يا عمرو بن مرة أنا النبي المرسل إلى العباد كافة أدعوهم إلى الإسلام ، وآمرهم بحقن الدماء وصلة الأرحام ، وعبادة الله ، ورفض الأصنام ، وحج البيت ، وصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا فمن أجاب فله الجنة ، ومن عصى فله النار فآمن بالله يا عمرو يؤمنك الله من هول جهنم فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله آمنت بما جئت من حلال وحرام ، وإن رغم ذلك كثيرا من الأقوام ، ثم أنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به وكان لنا صنم وكان أبي سادنا له فقمت إليه فكسرته ، ثم لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا أقول


            شهدت بأن الله حق وأنني لآلهة الأحجار أول تارك     وشمرت عن ساق الإزار مهاجرا
            إليك أجوب القفر بعد الدكادك     لأصحب خير الناس نفسا ووالدا
            رسول مليك الناس فوق الحبائك

            فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مرحبا بك يا عمرو بن مرة فقلت : يا رسول الله ابعثني إلى قومي لعل الله يمن عليهم بي كما من علي بك فبعثني إليهم ، وقال : عليك بالرفق والقول السديد ولا تكن فظا ولا متكبرا ولا حسودا فذكر أنه أتى قومه فدعاهم إلى ما دعاه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا كلهم إلا رجلا واحدا منهم ، وأنه وفد بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرحب بهم وحياهم وكتب لهم كتابا ، هذه نسخته : " بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب صادق ، وحق ناطق ، مع عمرو بن مرة الجهني لجهينة بن زيد : إن لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها ، تزرعون نباته وتشربون صافيه على أن تقروا بالخمس ، وتصلوا صلاة الخمس ، وفي التبيعة والصريمة إن اجتمعتا شاتان ، وإن تفرقتا شاة شاة ، ليس على أهل الميرة صدقة ولا على الواردة لبقة ، وشهد على نبينا صلى الله عليه وسلم من حضر من المسلمين بكتاب قيس بن شماس ،

            التالي السابق


            الخدمات العلمية