الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          أما الكلمة الخبيثة فقد قال تعالى في مثلها:

                                                          ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار الكلمة الخبيثة هي الكلمة التي تنبعث من خبث النفس، وضلال الفكر، وتكون في باعثها آثمة، وفي غايتها آثمة فهي على نقيض الكلمة الطيبة، لأنها لا تنبعث من إخلاص لله ولرسوله، ولا تكون طيبة في واقعها، ولا في نتائجها، وما يترتب عليها، وأوضحها الكذب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا، [ ص: 4022 ] وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا " .

                                                          والكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة التي لا فائدة منها اجتثت من فوق الأرض أي أنها ليس لها جذوع ممتدة في باطن الأرض، بل هي على سطحها، ومعنى اجتثت من فوق الأرض أي ظهرت جثتها من فوق الأرض فليس لها جذور تمتد فيها كبعض أنواع النباتات التي ليس لها جذور تغوص في عروق الأرض، ما لها من قرار أي استقرار وثبات في باطن الأرض، والمؤدى من هذا التشبيه أن الكلمة الخبيثة لا تعيش في الوجود، وليس لها بقاء فيه، بل إنها تنتهي بانتهاء زمانها وتنزل من الأضرار بمقدار وقتها، كالسعاية والنميمة والكذب والخديعة والغيبة، وليس لها وجود إلا بمقدار زمانها وقد تضر، لكن عاقبتها وخيمة، وطعامها وبيء، ولا تبقى إلا الكلمة الطيبة، وما يكون لله وللحق وحده.

                                                          وعن قتادة - رضي الله عنه - أنه قيل لبعض العلماء: ما تقول في كلمة خبيثة؟ فقال: " ما أعلم لها في الأرض مستقرا ولا في السماء مصعدا إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها ربه يوم القيامة "، اللهم جنبنا خبث القول، واجعلنا من الذين قلت فيهم: وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية