الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : اعلم أن حرمة الأمهات والبنات كانت ثابتة من زمن آدم عليه السلام إلى هذا الزمان ، ولم يثبت حل نكاحهن في شيء من الأديان الإلهية ، بل إن زرادشت رسول المجوس قال بحله ، إلا أن أكثر المسلمين اتفقوا على أنه كان كذابا ، أما نكاح الأخوات فقد نقل أن ذلك كان مباحا في زمن آدم عليه السلام ، وإنما حكم الله بإباحة ذلك على سبيل الضرورة ، ورأيت بعض المشايخ أنكر ذلك ، وقال : إنه تعالى كان يبعث الحواري من الجنة ليزوج بهن أبناء آدم عليه السلام وهذا بعيد ؛ لأنه إذا كان زوجات أبنائه وأزواج بناته من أهل الجنة ، فحينئذ لا يكون هذا النسل من أولاد آدم فقط ، وذلك بالإجماع باطل .

                                                                                                                                                                                                                                            وذكر العلماء أن السبب لهذا التحريم : أن الوطء إذلال وإهانة ، فإن الإنسان يستحي من ذكره ولا يقدم عليه إلا في الموضع الخالي ، وأكثر أنواع الشتم لا يكون إلا بذكره ، وإذا كان الأمر كذلك وجب صون الأمهات عنه لأن إنعام الأم [ ص: 23 ] على الولد أعظم وجوه الإنعام ، فوجب صونها عن هذا الإذلال ، والبنت بمنزلة جزء من الإنسان وبعض منه ، قال عليه الصلاة والسلام : " فاطمة بضعة مني " فيجب صونها عن هذا الإذلال ؛ لأن المباشرة معها تجري مجرى الإذلال ، وكذا القول في البقية ، والله أعلم . ولنشرع الآن في التفاصيل فنقول :

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية