الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ

                                                                                                                                                                                                                                        إنه هو يبدئ ويعيد فيه أربعة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 243 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : يحيي ويميت ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : يميت ثم يحيي ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : يخلق ثم يبعث ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : يبدئ العذاب ويعيده ، قاله ابن عباس . ويحتمل خامسا : يبدئ ما كلف من أوامره ونواهيه ، ويعيد ما جزى عليه من ثواب وعقاب . وهو الغفور الودود في الغفور وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الساتر للعيوب .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : العافي عن الذنوب . وفي الودود وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : المحب .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الرحيم . وفيه ثالث : حكاه المبرد عن إسماعيل بن إسحاق القاضي أن الودود هو الذي لا ولد له ، وأنشد قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        وأركب في الروع عريانة ذلول الجناح لقاحا ودودا



                                                                                                                                                                                                                                        اي لا ولد لها تحن إليه ، ويكون معنى الآية أنه يغفر لعباده ، وليس ولد يغفر لهم من أجله ، ليكون بالمغفرة متفضلا من غير جزاء . ذو العرش المجيد فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الكريم ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : العالي ، ومنه المجد لعلوه وشرفه . ثم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه من صفات الله تعالى ، وهو قول من قرأ بالرفع .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 244 ]

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه من صفة العرش ، وهو قول من قرأ بالكسر . ويحتمل إن كان صفة للعرش وجها ثالثا : أنه المحكم . بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن اللوح هو المحفوظ عند الله تعالى ، وهو تأويل من قرأ بالخفض .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن القرآن هو المحفوظ ، وهو تأويل من قرأ بالرفع وفيما هو محفوظ منه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : من الشياطين .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : من التغيير والتبديل . وقال بعض المفسرين : إن اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرؤونه .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية