الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث :

هل قبول الإيمان للزيادة ولنقص مختص بقول السلف ومن تبعهم من أن الإيمان تدخل فيه الأعمال وذهب إليه جماعة من محققي الأشاعرة كالقلانسي وغيره ، وهو مذهب الفقهاء والمحدثين ، ونقل الشافعي على ذلك [ ص: 431 ] الإجماع ، وقال البخاري : لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص ، كما تقدم وقد قدمنا من الاحتجاج لذلك من العقل والنقل ما لعله يشفي ويكفي لمن لم تتحكم به علة التقييد ، ونزع من عنقه ربقة التقليد إذ لو لم تتفاوت حقيقة الإيمان وتتفاضل لكان إيمان آحاد الأمة المنهمكين في الفسق ، والمعاصي مساويا لإيمان الأنبياء ، والصديقين ، والملائكة المقربين ، وتصور هذا المذهب ولوازمه يغني عن إقامة البرهان على رده على ما في الآيات الصريحة ، والأحاديث الصحيحة من التفاضل والتفاوت ، فدع عنك هذا التمادي والتهافت ، أو يعم القول بأن الإيمان التصديق أيضا ؟ الحق كما قاله الإمام النووي وجماعة محققون من علماء الكلام أن الزيادة والنقصان تدخل الإيمان ولو قلنا إنه التصديق ، والإذعان ; لأن التصديق القلبي يزيد وينقص أيضا بكثرة النظر ووضوح الأدلة وعدم ذلك - كان شكا فمدفوع بأن مراتب اليقين متفاوتة إلى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين مع أنها لا شك معها ، وفي القرآن العظيم ما حكى عن إبراهيم خليله بقوله : ولكن ليطمئن قلبي وتقدمت قصة موسى لما رأى قومه عاكفين على عبادة العجل مع ما كان أخبر الله - تعالى - بذلك أولا ، وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه ومن تبعهم من المتكلمين : الإيمان لا يزيد ولا ينقص محتجين بأنه اسم للتصديق البالغ بحد الجزم والإذعان . والمعلوم من النقل والعقل خلافه ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية