الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1761 (27) باب

                                                                                              يجب الرضا بما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما أعطى ويكفر من نسب إليه جورا وذكر الخوارج

                                                                                              [ 929 ] عن جابر بن عبد الله قال : أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة منصرفه من حنين . وفي ثوب بلال فضة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبض منها يعطي الناس فقال : يا محمد اعدل . فقال : ( ويلك فمن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل) ، فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق . فقال : (معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ، إن هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية) .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 353-354)، والبخاري (3138) مختصرا، ومسلم (1063)، وابن ماجه (172) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (27) ومن باب: يجب الرضا بما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما حكم

                                                                                              " الجعرانة " : موضع خارج مكة ، وهو ميقات من مواقيت العمرة ، يقال : بكسر العين وتشديد الراء ، وبسكون العين وتخفيف الراء .

                                                                                              و" منصرفه " - بفتح الراء - : وقت انصرافه .

                                                                                              وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لقد خبت وخسرت ) ; رويته بضم التاء وفتحها . فأما الضم : [ ص: 109 ] فمعناه واضح . وأما الفتح : فعلى معنى : إني إن جرت ، فيلزم أن تجور أنت من جهة أنك مأمور باتباعي ، فتخسر باتباع الجائر ، هذا معنى ما قاله الأئمة .

                                                                                              قلت : ويظهر لي وجه آخر ، وهو: أنه كأنه قال له : لو كنت جائرا لكنت أنت أحق الناس بأن يجار عليك ، وتلحقك بادرة الجور الذي صدر عنك ، فتعاقب عقوبة معجلة في نفسك ومالك ، وتخسر كل ذلك بسببها ، لكن العدل هو الذي منع من ذلك . وتلخيصه : لولا امتثال أمر الله تعالى في الرفق بك ; لأدركك الهلاك والخسار .

                                                                                              و" يمرقون " : يخرجون ، كما قد فسره في الحديث الآخر ، وبهذا اللفظ سموا : المارقة والخوارج ; لأنهم مرقوا من الدين ، وخرجوا على خيار المسلمين . والخوارج : جمع خارجة ; يعني به : الطائفة والجماعة .

                                                                                              و" الرمية " : المرمية ، فعيلة ; بمعنى مفعولة .

                                                                                              والحناجر " : الحلوق ، جمع حنجرة ، وهي الحلاقيم أيضا .

                                                                                              و" الضئضئ " - بضادين معجمتين - ، وهو : الأصل ، وله أسماء كثيرة : النجار ، والنحاز ، والسنخ ، والعنصر ، والعيص ، وغير ذلك مما ذكره اللغويون .

                                                                                              ومعنى : ( لا يجاوز حناجرهم ) : لا يفهمونه ، ولا يعملون بمعناه .




                                                                                              الخدمات العلمية