الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وستر وجه )

                                                                                                                            ش : قال في المناسك وإن سترت وجهها أو بعضه ، فالفدية كما لو تبرقعت أو تعصبت انتهى ، ونص عبد الوهاب في شرح الرسالة في الكلام على غسل الوجه في الوضوء على أنه إن غطت المحرمة شيئا من وجهها وجبت عليها الفدية ، ولو غطت ما في الصدغ من البياض لا يلزمها شيء ، وذكره على وجه الاحتجاج به على أنه ليس من الوجه ، فظاهره أنه متفق عليه ، ونصه فأما حد الوجه ، فهو عندنا من قصاص شعر الرأس إلى آخر الذقن طولا ، ومن الصدغ إلى الصدغ عرضا ، والبياض الذي وراء الصدغ إلى الأذن ليس من الوجه عند مالك والذي يدل على سقوط غسله أن المرأة إذا أحرمت لزمها كشف جميع وجهها ، ثم لا شيء عليها في تغطية هذا الموضع ، ولو غطت شيئا من وجهها لزمها الفدية انتهى .

                                                                                                                            وما ذكره من وجوب الفدية فيما إذا غطت شيئا من وجهها ، فيعني به ما عدا ما يستره الخمار من وجهها ، فإنه يعفى عن ستره قال في الطراز : لأنه لما كان عليها ستر رأسها ، ولا يمكن إلا بجزء من الوجه سترت من الوجه ما يستره الخمار في [ ص: 141 ] تخمير الرأس وقدم ستر ذلك الجزء على كشف جزء من الرأس ; لأن الرأس عورة ، وستر العورة فوق حق الإحرام انتهى والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( إلا لستر بلا غرز وربط )

                                                                                                                            ش : أي لقصد الستر عن الرجال ، ولا يحتاج أن يقول المصنف ذلك ; لأن الستر يستلزمه ، ولذلك جعل في المدونة كونه للستر قسيم كونه لحر ، أو برد وكذا في كلام الباجي ، وبهذا اعتذر ابن عرفة عن ابن حبيب فإن فعلته لحر ، أو برد فسيان ، فيه الفدية قاله في التوضيح وقال ابن فرحون : في شرح ابن الحاجب ، وأما لأجل حر ، أو برد ، أو لغير سبب لها ذلك انتهى . وقال في الطراز للمرأة أن تستر وجهها عن الرجال ، فإن أمكنها بشيء في يديها كالمروحة ، وشبهها ، فحسن وإن لم يمكنها ، وكان لها جلباب سدلته على رأسها ، فإن لم يكن لها جلباب ، فلها أن تنصب بعض ثوبها تجاهها بيديها ، ولها أن تلقي كمها على رأسها ، وتسدل بعضه على وجهها ، فإن لم تجد إلا خمارها الذي على رأسها ، فإن كان فيه فضل ترفعه على رأسها فتسدله على وجهها فعلته ، وإن رفعت حجر خمارها فألقته على رأسها فلا شيء عليها ; لأن ستر الوجه ولبس المخيط إنما تجب فيه الفدية مع الطول والانتفاع باللبس من حر ، أو برد وشبهه مما وضع له ذلك اللباس ، وليس هذا منه في شيء ، فإن عقدت الخمار على رأسها نظر ، فإن حلته بالقرب ، فلا فدية عليها ، وإن تركته حتى طال افتدت ، وإن أرسلته على رأسها ، ولم تعقده وطال كان على القولين في ستر وجه المحرم ، ويخالف العقد من حيث إنه في معنى المخيط انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية