الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) السابع من الشروط ( طهارة الحدث ) الأكبر والأصغر ( والخبث ) غير المعفو عنه في الثوب والبدن والمكان على ما مر في شروط الصلاة ( و ) الثامن من الشروط ( الستر ) أي ستر العورة للاتباع كما في الصلاة فلو أحدث في أثناء الخطبة استأنفها وإن سبقه الحدث وقصر الفصل لأنها عبادة واحدة فلا تؤدى بطهارتين كالصلاة ، ومن ثم لو أحدث بين الخطبة والصلاة وتطهر عن قرب لم يضر كما اقتضاه كلامهم في الجمع بين الصلاتين ، ولا يشترط طهر السامعين ولا سترهم ، وأغرب من اشتراط ذلك قاله الأذرعي ، واشتراط الستر لا يغني عنه ما قدمناه من وجوبه ولو في الخلوة ، إذ لا يلزم من الوجوب الاشتراط ولا يشترط أيضا كونهم بمحل الصلاة ولا فهمهم لما يسمعونه كما تكفي قراءة الفاتحة في الصلاة لمن لا يفهمها ، وأفاد اقتصاره على ما ذكر أنه لا تجب نية الخطبة ونية [ ص: 324 ] فرضيتها وهو المعتمد كما جزم به في المجموع وأشار إليه في الروضة . قال ابن عبد السلام : لأن ذلك ممتاز بصورته منصرف إلى الله بحقيقته فلا يفتقر إلى نية صرفه إليه ، وما في أصل الروضة عن القاضي ، وجزم في الأنوار من اشتراط ذلك مفرع على ضعيف وهو أنها بدل عن ركعتين . نعم يشترط عدم الصارف فيما يظهر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : طهارة الحدث ) قضية صنيعه أن الطهارة وما بعدها بالرفع وجره أظهر ليفيد اشتراط ذلك صريحا ، ويشير إلى ذلك قوله الآتي واشتراط الستر إلخ ، وهل يعتبر ذلك في الأركان وغيرها حتى لو انكشفت عورته في غير الأركان بطلت خطبته أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني ، ومثله ما لو أحدث بين الأركان وأتى مع حدثه بشيء من توابع الخطبة ثم استخلف عن قرب فلا يضر في خطبته ما أتى به من غير الأركان مع الحدث ، فجميع الشروط التي ذكرها إنما تعتبر في الأركان خاصة ( قوله : طهارة الحدث ) أي فلو بان الإمام محدثا أو ذا نجاسة خفية . قال سم على منهج : لا يبعد الاكتفاء بالخطبة كما لو بان قادرا على القيام مع أنه شرط ا هـ . وقياسه أنه لا يضر لو خطب مكشوف العورة ثم بان قادرا على السترة .

                                                                                                                            [ فرع ] اعتمد م ر أن الخطيب لو أحدث جاز الاستخلاف والبناء على خطبته ، بخلاف ما إذا أغمي عليه لأن المغمى عليه لا أهلية له ، بخلاف المحدث بدليل صحة الصلاة خلفه إذا بان محدثا ، وحينئذ فقد يقال : هلا جاز للقوم استخلاف من يبني على خطبة المغمى عليه ، كما جاز لهم الاستخلاف في الصلاة إذا أغمي عليه فيها ، كما شمله قولهم إذا خرج الإمام بحدث أو غيره جاز لهم الاستخلاف ويفرق بأن الصلاة باقية من القوم وإنما بطلت صلاة الإمام وحده فجاز الاستخلاف ، بخلاف الخطبة فإنها من الخطيب وحده ، فإذا أغمي عليه فلا يستخلف لئلا تصير نفس الخطبة ملفقة من شخصين ا هـ سم على منهج . وقول سم ويفرق بأن إلخ : أي ويجاب بأنه يفرق إلخ فلا يجوز الاستخلاف لا من الإمام ولا من القوم في المغمى عليه ( قوله فلو أحدث في أثناء الخطبة ) أي أما لو استخلف غيره بنى على ما مضى ، وعليه فالفرق بين ما لو تطهر عن قرب حيث لم يجز له البناء وبين ما لو استخلف غيره أن في بناء الخطيب تكميلا على ما فسد بحدثه وهو ممتنع ، ولا كذلك في بناء غيره لأن سماعه لما مضى من الخطبة قائم مقامه ولم يعرض له ما يبطله فجاز البناء عليه ا هـ حج .

                                                                                                                            [ ص: 324 ] فائدة ] وقع السؤال في الدرس عما لو رأى حنفيا مس فرجه مثلا ثم خطب فهل تصح خطبته أم لا ؟ فيه نظر . والجواب عنه أن الظاهر الصحة ، ويوجه بما صرحوا به أنا نحكم بصحة عبادة المخالفين حيث قلدوا تقليدا صحيحا ، وإنما امتنعت القدوة بهم للربط الحاصل بين الإمام والمأموم المقتضي لجزمه بالنية وذلك يتوقف على اعتقاد صحة صلاته ، ولا ارتباط بين السامعين والخطيب ، فحيث حكم بصحة عبادته اكتفي بخطبته لكنا لا نصلي خلفه ، فإن أم غيره جاز الاقتداء به . ويحتمل أن يقال وهو الأقرب : بل المتعين عدم الصحة لأنه وإن لم يكن بينهما رابطة لكنه يؤدي إلى فساد نية المأموم لاعتقاده حين النية أنه يصلي صلاة لم تسبق بخطبة في اعتقاده .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 322 - 323 ] قوله : ولا فهمهم لما يسمعونه ) لعل المراد أنهم يسمعون الألفاظ لكن لا يعرفون مدلولاتها ، ويبعد أن يكون المراد أنه يكفي سماعهم مجرد الصوت من بعيد من غير سماع الألفاظ وتقاطيع الحروف فليراجع




                                                                                                                            الخدمات العلمية