الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2603 باب في العزل عن المرأة والأمة

                                                                                                                              وقال النووي : (باب حكم العزل) .

                                                                                                                              حديث الباب وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 11 - 12 جـ 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [(عن ابن عون عن محمد عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري قال: فرد الحديث حتى رده إلى أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه (قال: ذكر العزل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : "وما ذاكم؟" قالوا: الرجل تكون له المرأة ترضع، فيصيب منها، ويكره أن تحمل منه، والرجل تكون له الأمة، فيصيب منها، ويكره أن تحمل منه، قال "فلا عليكم أن لا تفعلوا ذاكم فإنما هو القدر " [ ص: 271 ] قال ابن عون: فحدثت به الحسن فقال: والله لكأن هذا زجر) ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال النووي : "العزل": أن يجامع، فإذا قارب الإنزال: نزع وأنزل خارج الفرج.

                                                                                                                              وهو مكروه عندنا في كل حال، وكل امرأة، سواء رضيت أم لا. لأنه طريق إلى قطع النسل. ولهذا جاء في الحديث الآخر تسميته: "الوأد الخفي". لأنه قطع طريق الولادة، كما يقتل المولود بالوأد.

                                                                                                                              وأما التحريم، فقال أصحابنا: لا يحرم في مملوكته، ولا في زوجته الأمة، سواء رضيت أم لا. لأن عليه ضررا في مملوكته بمصيرها: "أم ولد"، وامتناع بيعها. وعليه ضرر في زوجته الرقيقة، بمصير ولده: "رقيقا"، تبعا لأمه. وأما زوجته الحرة، فإن أذنت فيه لم يحرم. وإلا فوجهان; أصحهما: لا يحرم.

                                                                                                                              ثم هذه الأحاديث مع غيرها، يجمع بينها: بأن ما ورد في النهي: محمول على كراهة التنزيه. وما ورد في الإذن في ذلك: محمول على أنه ليس بحرام، وليس معناه: نفي الكراهة. [ ص: 272 ] قال: هذا مختصر ما يتعلق بالباب، من الأحكام والجمع بين الأحاديث. وللسلف خلاف، كنحو ما ذكرناه من مذهبنا.

                                                                                                                              ومن حرمه بغير إذن الزوجة الحرة، قال: عليها ضرر في العزل.

                                                                                                                              فيشترط لجوازه إذنها. انتهى.

                                                                                                                              وأقول: قد اختلفت الأحاديث، في جواز العزل; فمنها: ما هو محتمل للجواز، ولعدم الجواز. كحديث أبي سعيد في الصحيحين وغيرهما. وفيه: (فقال: ما عليكم أن لا تفعلوا، فإن الله "عز وجل"، قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة) .

                                                                                                                              ومنها: ما هو مصرح بالمنع. كحديثه أيضا عند أحمد. وفيه: (أنت تخلقه؟ أنت ترزقه؟ أقره قراره، فإنما ذلك القدر) .

                                                                                                                              وحديث "أسامة" عند مسلم وغيره. وفيه: (لو كان ضارا، ضر فارس والروم) . وحديث جذامة. وفيه: (ذلك الوأد الخفي) .

                                                                                                                              ومنها: ما فيه دلالة على الجواز، كحديث جابر: (كنا نعزل والقرآن ينزل) . وهو في الصحيحين وغيرهما. وفي الباب أحاديث.

                                                                                                                              [ ص: 273 ] ومنهم: من رجح أحاديث الجواز، مستدلا بحديث عمر: (قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها) . أخرجه أحمد، وابن ماجه. وسنده ضعيف. وحكى ابن عبد البر: الإجماع على ذلك. ووافقه على نقل الإجماع: ابن هبيرة، كما قال ابن حجر في الفتح. وتعقب بأن المعروف عند الشافعية: أنه لا حق للمرأة في الجماع.

                                                                                                                              وأما جواز العزل عن الأمة مطلقا، بحديث جابر عند مسلم وغيره; وفيه: (فقال: اعزل عنها، إن شئت) . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الباب: "فلا عليكم أن لا تفعلوا ذاكم".

                                                                                                                              قال ابن سيرين: هذا أقرب إلى النهي. وعن الحسن كما في الكتاب:

                                                                                                                              (قال: والله! لكأن هذا زجر) .

                                                                                                                              و تمام البحث، مع أدلة المختلفين في ذلك، في شرح المنتقى. فراجع.




                                                                                                                              الخدمات العلمية