الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الاعتبار السادس - بحسب الأمور الخارجية وهو بأمور أولها - أن يكون أحد القياسين موافقا للأصول في العلة : بأن تكون علة أصله على وفق الأصول الممهدة في الشرع ، فيرجح على موافقة أصل واحد ، لأن وجودها في الأصول الكثيرة دليل على قوة اعتبارها في نظر الشرع فهي أولى وهذا ما صححه الشيخ أبو إسحاق وابن السمعاني وغيرهما وقيل : هما سواء ، وهو اختيار القاضي في التقريب " ، كما لا ترجيح بكثرة العدد في الرواية عنده أما إذا كانت إحداهما أكثر فروعا من الأخرى فهل الكثيرة أولى لكثرة فائدتها ، أو هما سيان ؟ فيه وجهان حكاهما ابن السمعاني ، وجزم الأستاذ أبو منصور بتقديم الكثيرة ، وزيفه الغزالي ، لأن تقديم المتعدية على القاصرة تلقيناه من مسلك الصحابة رضوان الله عليهم ، ولم يظهر ذلك عند كثرة الفروع .

                                                      [ ص: 224 ] ثانيها - يرجح الموافق للأصول في الحكم : بأن يكون حكم أصله على وفق الأصول المقررة على ما ليس كذلك ، للاتفاق على الأول . ثالثها - يرجح الذي يكون مطردا في الفروع : بأن يلزم الحكم عليه في جميع الصور على ما ليس كذلك . رابعها - انضمام علة أخرى إليها : لأنها تزيد قوة الظن والحكم في المجتهدات بقوة الظن ، واختاره في القواطع " وحكي عن أبي زيد تصحيح عدم الترجيح بذلك ، لأن الشيء لا يتقوى إلا بصفة في ذاته ، أما بانضمام غيره إليه فلا خامسها - أن يكون مع إحداهما فتوى صحابي : فيرجح على ما ليس كذلك ، لأنه مما يثير الظن باجتماعهما وقد سبقت المسألة في تفاريع مذهب الصحابي ، فإن جعلنا مذهبه حجة مستقلة كان هذا من الترجيح بدليل آخر وإن قلنا : ليس بحجة مطلقا ، فهل تكون له مزية ترجيح الدليل أو لا ؟ اختلفوا على ثلاثه مذاهب : أحدها - أنه بمزية كغيره ، وإليه ذهب القاضي والثاني - نعم ، مطلقا والثالث - وهو رأي إمام الحرمين : التفصيل بين أن يكون ذلك الصحابي مشهورا بالمزية في ذلك الفن ، كزيد في الفرائض ، وعلي في القضاء ، اقتضى الترجيح ، وإلا فلا وعزاه بعضهم إلى الشافعي ، وبنى الإبياري الخلاف على قول المصوبة والمخطئة فقال : على قول التصويب بعدم الترجيح ، وعلى الثاني بالترجيح وجعل إمام الحرمين المراتب أربعا : أعلاها الشهادة لزيد في الفرائض ، لأنها تامة ثم يليه معاذ ، ثم يليه علي ، ثم يليه .

                                                      [ ص: 225 ] الشيخان في قوله { اقتدوا باللذين من بعدي } ثم قال الشافعي رحمه الله : ( قول علي في الأقضية كقول زيد في الفرائض ) وقول معاذ في الحلال والحرام إذا لم يتعلق بالفرائض كقول زيد في الفرائض .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية