الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : محرم استعار من محرم سكينا ليذبح بها صيدا فأعاره إياه فذبح الصيد فلا جزاء على صاحب السكين ويكره له ذلك ، أما الكراهة بالإعانة على المعصية بما أعطاه من الآلة ، وأما حكم الجزاء فأكثر مشايخنا يقولون تأويل هذه المسألة أنه إذا كان مع المحرم القاتل سلاح يقتل بذلك السلاح الصيد فحينئذ لا يلزم الجزاء على من أعطى السكين ; لأنه وإن لم يعطه كان متمكنا من قتله فإذا لم يكن تمكنه بما أعطي لا يجب عليه الجزاء كما لا يجب الجزاء على الدال إذا كان للمدلول علم بمكان الصيد ، فأما إذا لم يكن مع المحرم القاتل ما يقتل به الصيد ينبغي أن يجب الجزاء على هذا المعير ; لأن التمكن من قتل الصيد كان بإعارته السكين ، وإلى هذا أشار في السير الكبير ، والأصح عندي أنه لا يجب الجزاء على المعير للسكين على كل حال لوجهين : ( أحدهما ) أن الصيد مأخوذ المستعير قبل إعارة السكين منه ، وكان قد تلف معنى الصيدية بأخذ المستعير إياه حكما وبقتله حقيقة ، فأما إعارة السكين ليس بإتلاف معنى الصيدية عليه لا حقيقة ، ولا حكما بخلاف الدلالة فإنه إتلاف لمعنى الصيدية من وجه حين أعلم بمكانه من لا يقدر الصيد على الامتناع منه فإن امتناع الصيد ممن يقدر على الامتناع منه يكون بجناحه ومن لا يقدر على الامتناع منه يكون بتواريه عن عينه فإذا أعلمه بمكانه صار متلفا معنى الصيدية حكما .

( والثاني ) أن الإعارة تتصل بالسكين لا بالصيد فإنها صحيحة ، وإن لم يكن هناك صيد ، ولا يتعين استعماله في حق قتل الصيد بخلاف [ ص: 191 ] الإشارة إلى قتل الصيد فإنها متصلة بالصيد ليس فيها فائدة أخرى سوى ذلك ، ولا يتم ذلك إلا بصيد هناك فلهذا يتعلق وجوب الجزاء بها

التالي السابق


الخدمات العلمية