الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة اجتمعت بنو ثعلبة إلى بني أسد القاصدين إلى أرض الموصل ومن معهم من طي ، فصاروا يدا واحدة على بني مالك ومن معهم من تغلب ، وقرب بعضهم من بعض للحرب ، فركب ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان في أهله ورجاله ، ومعه أبو الأغر بن سعيد بن حمدان للصلح بينهم ، فتكلم أبو الأغر ، فطعنه رجل من حزب بني ثعلبة فقتله ، فحمل عليهم ناصر الدولة ومن معه ، فانهزموا وقتل منهم ، وملكت بيوتهم ، وأخذ حريمهم وأموالهم ، ونجوا على ظهور خيولهم ، وتبعهم ناصر الدولة إلى الحديثة ، فلما وصلوا إليها لقيهم يأنس غلام مؤنس ، وقد ولي الموصل ، ( وهو مصعد إليها ) ، فانضم إليه بنو ثعلبة وبنو أسد ، وعادوا إلى ديار ربيعة .

[ ص: 12 ] وفيها ورد الخبر إلى بغداذ بوفاة تكين الخاصة بمصر ، وكان أميرا عليها ، فولي مكانه ابنه محمد ، وأرسل له القاهر بالله الخلع ، وثار الجند بمصر ، فقاتلهم محمد وظفر بهم .

وفيها أمر علي بن بليق قبل قبضه ، وكاتبه الحسن بن هارون بلعن معاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد على المنابر ببغداد ، فاضطربت العامة ، فأراد علي بن بليق أن يقبض على البربهاري رئيس الحنابلة ، وكان يثير الفتن هو وأصحابه ، فعلم بذلك فهرب ، فأخذ جماعة من أعيان أصحابه ، وحبسوا وجعلوا في زورق ، وأحدروا إلى عمان .

وفيها أمر القاهر بتحريم الخمر والغناء وسائر الأنبذة ، ونفى بعض من كان يعرف بذلك إلى البصرة والكوفة ، وأما الجواري المغنيات فأمر ببيعهن على أنهن سوذاج لا يعرفن الغناء ، ثم وضع من يشتري له كل حاذقة في صنعة الغناء ، فاشترى منهن ما أراد بأرخص الأثمان ، وكان القاهر مشتهرا بالغناء والسماع ، فجعل ذلك طريقا إلى تحصيل غرضه رخيصا ، نعوذ بالله من هذه الأخلاق التي لا يرضاها عامة الناس .

[ الوفيات ]

وفيها توفي أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد اللغوي في شعبان ، وأبو هاشم بن أبي علي الجبائي المتكلم المعتزلي في يوم واحد ، ودفنا بمقابر الخيزران .

[ ص: 13 ] وفيها توفي محمد بن يوسف بن مطر الفربري ، وكان مولده سنة إحدى وثلاثين ومائتين ، وهو الذي روي " صحيح البخاري " عنه ، ( وكان قد سمعه عشرات ألوف من البخاري ) ، فلم ينتشر إلا عنه ، وهو منسوب إلى فربر بالفاء والراءين المهملتين ، وبينهما باء معجمة موحدة ، وهي من قرى بخارى .

التالي السابق


الخدمات العلمية