الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : والإذن في العزل لسيد الأمة ) لأنه يخل بمقصود المولى وهو الولد فيعتبر رضاه وهذا هو قول أبي حنيفة وصاحبيه في ظاهر الرواية وعنهما في غيرها : أن الإذن لها وهو ضعيف قيد بالأمة أي أمة الغير لأن العزل جائز عن أمة نفسه بغير إذنها ، والإذن في العزل عن الحرة لها ولا يباح بغيره لأنه حقها ، وفي الخانية : ذكر في الكتاب أنه لا يباح بغير إذنها وقالوا في زماننا يباح لسوء الزمان قال في فتح القدير بعده فليعتبر مثله من الأعذار مسقطا لإذنها وأفاد وضع المسألة أن العزل جائز بالإذن وهذا هو الصحيح عند عامة العلماء لما في البخاري { عن جابر : كنا نعزل والقرآن ينزل } .

                                                                                        ولحديث السنن { أن رجلا قال يا رسول الله إن لي جارية وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال وإناليهود تحدث أن العزل الموءودة الصغرى قال صلى الله عليه وسلم كذبت اليهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه } .

                                                                                        وفي فتح القدير ثم في بعض أجوبة المشايخ الكراهة ، وفي بعضها عدمها ، وفي المعراج العزل أن يجامع فإذا جاء وقت الإنزال نزع فأنزل خارج الفرج ا هـ .

                                                                                        ثم إذا عزل بإذن أو بغير إذن ثم ظهر بها حبل هل يحل نفيه قالوا إن لم يعد إليها أو عاد ولكن بال قبل العود حل نفيه ، وإن لم يبل لا يحل كذا روي عن علي رضي الله عنه لأن بقية المني في ذكره يسقط فيها ، ولذا قال أبو حنيفة : فيما إذا اغتسل من الجنابة قبل البول ثم بال فخرج المني وجب إعادة الغسل كذا في المعراج ، وفي فتاوى قاضي خان : رجل له جارية غير محصنة تخرج وتدخل ويعزل عنها المولى فجاءت بولد وأكبر ظنه أنه ليس منه كان في سعة من نفيه ، وإن كانت محصنة لا يسعه نفيه لأنه ربما يعزل فيقع الماء في الفرج الخارج ثم يدخل فلا يعتمد على العزل ا هـ .

                                                                                        وهذا يفيد ضعف التفصيل المتقدم وأنه لا يحل النفي مطلقا حيث كانت محصنة وأن جوازه مشروط بثلاثة : عدم تحصينها ووجود العزل منه ، وغلبة الظن بأنه ليس منه ، وقد يقال : إن ما في المعراج بيان لمحل غلبة الظن بأنه ليس منه فإذا كان قد [ ص: 215 ] عزل ولم يعد غلب على ظنه أنه ليس منه بشرط أن لا تكون محصنة وبه يحصل التوفيق وينبغي أن يكون سد المرأة فم رحمها كما تفعله النساء لمنع الولد حراما بغير إذن الزوج قياسا على عزله بغير إذنها ، وفي فتح القدير وهل يباح الإسقاط بعد الحبل يباح ما لم يتخلق شيء منه ثم في غير موضع ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح ، وإلا فهو غلط لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة ا هـ .

                                                                                        وفي الخانية من كتاب الكراهية : ولا أقول : بأنه يباح الإسقاط مطلقا فإن المحرم إذا كسر بيض الصيد يكون ضامنا لأنه أصل الصيد فلما كان يؤاخذ بالجزاء ثم فلا أقل من أن يلحقها إثم هاهنا إذا أسقطت بغير عذر ا هـ .

                                                                                        وينبغي الاعتماد عليه لأنه له أصلا صحيحا يقاس عليه ولظاهر أن هذه المسألة لم تنقل عن أبي حنيفة صريحا ولذا يعبرون عنها بصيغة قالوا ، والظاهر أن المراد من الأمة في المختصر القنة ، والمدبرة وأم الولد وأما المكاتبة فينبغي أن يكون الإذن إليها لأن الولد لم يكن للمولى ولم أره صريحا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : أو عاد ولكن بال قبل العود ) أي وعزل في العود أيضا نقله في حواشي مسكين عن الحانوتي وهو ظاهر الإرادة ونقل عن خط الزيلعي ينبغي أن يزاد بعد غسل الذكر وكان وجهه نفي احتمال أن يكون على رأس الذكر بقية منه بعد البول فتزال بالغسل وبهذا يندفع ما بحثه بعض الفضلاء من أنه ينبغي أن يكون النوم ، والمشي مثل البول في حصول الإنقاء كما ذكروه في باب الغسل [ ص: 215 ] ( قوله : وينبغي أن يكون سد المرأة . . . إلخ ) نظر فيه في النهر بأن لها أن تعالج نفسها في إسقاط الولد قبل إكمال الخلقة كما سيأتي بشرطه فمنع سببه بالجواز أحرى ، والفرق بين هذا وبين كراهة العزل بغير إذنها لا يخفى على متأمل ثم نقل ما مر عن الخانية من قولهم بإباحة العزل لسوء الزمان وقال وعلى هذا فيباح لها سده ( قوله : ، وفي الخانية . . . إلخ ) قال في النهر قال ابن وهبان ومن الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصغير ما يستأجر به الظئر ويخاف هلاكه ونقل عن الذخيرة لو أرادت الإلقاء قبل مضي زمن ينفخ فيه الروح هل يباح لها ذلك أم لا اختلفوا فيه وكان الفقيه علي بن موسى يقول إنه يكره فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم ونحوه في الظهيرية قال ابن وهبان فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل ا هـ .

                                                                                        وبما في الذخيرة تبين أنهم ما أرادوا بالتخليق إلا نفخ الروح وأن قاضي خان مسبوق بما مر من التفقه ( قوله : لأن الولد لم يكن للمولى ) قال محشي مسكين هذا التعليل يقتضي أيضا عدم توقف العزل على إذن المولى إذا اشترط الزوج حرية أولاده لأنه لا ملك للمولى في الأولاد حينئذ ولم أره .




                                                                                        الخدمات العلمية