الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4085 340 - ( حدثنا مسدد ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا الأعمش قال : حدثني سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي رضي الله عنه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فاستعمل عليها رجلا من الأنصار ، وأمرهم أن يطيعوه فغضب فقال : أليس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني ؟ قالوا : بلى ، قال : فاجمعوا لي حطبا فجمعوا فقال : أوقدوا نارا فأوقدوها ، فقال : ادخلوها فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضا ، ويقولون : فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار ، فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة ، الطاعة في المعروف ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " فاستعمل رجلا من الأنصار " فإنه عبد الله بن حذافة ، وقد مر الكلام في قوله : " الأنصاري " عبد الواحد هو ابن زياد ، والأعمش سليمان ، وسعد بن عبيدة بالتصغير أبو حمزة الكوفي ، ختن أبي عبد الرحمن ، واسم أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي ، وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأحكام ، عن عمر بن حفص ، وفي خبر الواحد عن بندار ، عن غندر ، وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي موسى وبندار وغيرهما ، وأخرجه أبو داود في الجهاد عن عمرو بن مسروق ، وأخرجه النسائي في البيعة والسير عن ابن المثنى وغيره ، قوله : " فغضب " [ ص: 315 ] وفي رواية الأعمش في الأحكام فغضب عليهم ، وفي رواية مسلم فأغضبوه في شيء ، قوله : " فهموا " فسره الكرماني بقوله : وحزنوا ، وليس كذلك ، بل المعنى قصدوا الدخول ، والدليل عليه رواية حفص ، فلما هموا بالدخول فيها فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض ، وفي رواية ابن جرير من طريق أبي معاوية عن الأعمش فقال لهم شاب منهم : لا تعجلوا بدخولها ، وفي حديث أبي سعيد أنهم تحجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها ، فقال : احبسوا أنفسكم ، فإنما كنت أضحك معكم ، قوله : " حتى خمدت النار " بفتح الميم يعني انطفى لهيبها ، وحكى المطرزي كسر الميم ، قوله : " فبلغ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم " ، وفي رواية حفص ، فذكر ذلك للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وفي رواية مسلم : فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، قوله : " لو دخلوها ما خرجوا منها " ، وفي رواية حفص : ما خرجوا منها أبدا ، يعني أن الدخول فيها معصية ، والعاصي يستحق النار ، والمراد بقوله : إلى يوم القيامة التأبيد ، يعني لو دخلوها مستحلين له لما خرجوا منها أبدا ، قوله : " الطاعة في المعروف " يعني الطاعة للمخلوق في أمر عرف بالشرع ، وفي كتاب خبر الواحد لا طاعة في معصية ، وفي حديث أبي سعيد : من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه ، وفيه أن الأمر المطلق يخص بما كان منه في غير معصية فافهم ، والله تعالى أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية