الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  372 45 - حدثنا مسدد عن خالد قال : حدثنا سليمان الشيباني عن عبد الله بن شداد عن ميمونة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حذاءه وأنا حائض ، وربما أصابني ثوبه إذا سجد ، قالت : وكان يصلي على الخمرة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم خمسة تقدم ذكرهم ، وخالد هو ابن عبد الله الواسطي الطحان أبو الهيثم ، وسليمان هو أبو إسحاق التابعي ، وعبد الله بن شداد بن الهاد ، وميمونة بنت الحارث أم المؤمنين .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه أن رواته ما بين بصري وواسطي وكوفي ومدني ، وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابية .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في الطهارة عن الحسن بن مدرك ، وفي الصلاة أيضا عن عمرو بن زرارة ، وعن أبي النعمان ، وأخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأخرجه أبو داود فيه عن عمرو بن عون ، وأخرجه ابن ماجه فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وإعرابه ) : قوله : "يصلي" جملة في محل النصب على أنها خبر كان . قوله : "وأنا حذاءه" جملة اسمية وقعت حالا ، أي : والحال أنا بإزائه ، ومحاذيه ، والحذاء ، والحذوة ، والحذة كلها بمعنى ، قال الكرماني : حذاءه نصب على الظرفية ، ويروى : حذاؤه بالرفع . ( قلت ) الصحيح الرفع على الخبرية . قوله : "وأنا حائض" أيضا جملة اسمية وقعت حالا إما من الأحوال المترادفة أو من الأحوال المتداخلة الأولى بالواو والضمير والثانية بالواو فقط . قوله : "وربما" كلمة ربما تحتمل التقليل حقيقة ، والتكثير مجازا . قوله : "على الخمرة" بضم الخاء المعجمة وسكون الميم . سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل ، وترمل بالخيوط قيل سميت خمرة ؛ لأنها تستر وجه المصلي عن الأرض ، ومنه سمي الخمار الذي يستر الرأس ، وقال ابن بطال : الخمرة مصلى صغير ينسج من السعف ، فإن كان كبيرا قدر طول الرجل أو أكثر فإنه يقال له حينئذ حصير ، ولا يقال له خمرة ، وجمعها خمر ، وفي حديث ابن عباس : جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها ، فأحرقت منها مثل موضع درهم ، وهذا ظاهر في إطلاق الخمرة على الكبيرة من نوعها .

                                                                                                                                                                                  ذكر ما يستنبط منه من الأحكام : الأول : فيه جواز مخالطة الحائض . الثاني : فيه طهارة بدن الحائض وثوبها . الثالث : إذا أصاب ثوب المصلي المرأة لا يضر ذلك صلاته ولو كانت المرأة حائضا . الرابع : جواز الصلاة على الخمرة من غير كراهة ، وعن ابن المسيب : الصلاة على الخمرة سنة ، وقد فعل ذلك جابر ، وأبو ذر ، وزيد بن ثابت ، وابن عمر رضي الله تعالى عنهم ، وقال الكرماني : وفيه أن الصلاة لا تبطل بمحاذاة المصلي ، وتبعه بعضهم ، فقال : وفيه أن محاذاة المرأة لا تفسد الصلاة . ( قلت ) قصدهما بذلك الغمز في مذهب أبي حنيفة في أن محاذاة المرأة للمصلي مفسدة لصلاة الرجل ، ولكن هيهات لما قالا ؛ لأن المحاذاة المفسدة عنده أن يكون الرجل والمرأة مشتركين في الصلاة أداء وتحريمة ، وهو أيضا يقول : إن المحاذاة المذكورة في هذا الحديث غير مفسدة ، فحينئذ إطلاقهما الحكم فيه غير صحيح ، وهو من ضربان عرق العصبية . .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية