الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولصحتها مع شرط ) أي شروط ( غيرها ) من الخمس ( شروط ) خمسة ( أحدها وقت الظهر ) بأن يبقى منه ما يسعها مع الخطبتين للاتباع رواه البخاري وعليه جرى الخلفاء الراشدون فمن بعدهم ، ولو أمر الإمام بالمبادرة [ ص: 420 ] بها أو عدمها فالقياس وجوب امتثاله ( فلا ) يجوز الشروع فيها مع الشك في سعة الوقت اتفاقا ولا ( تقضى ) إذا فاتت ( جمعة ) بالنصب لفساد الرفع على ما قيل ومر آنفا ما فيه بل ظهرا والفاء هي ما في أكثر النسخ وفي بعضها بالواو ورجح بل أفسد الأول بأن عدم القضاء لا يؤخذ من اشتراط وقت الظهر لأن بينهما واسطة وهي القضاء في وقت الظهر من يوم آخر ولك رده بأن هذا إنما يتأتى على أن المراد بالظهر الأعم من ظهر يومها وغيره وليس كذلك بل المراد ظهر يومها كما أفاده السياق وحينئذ فالتفريع صحيح كما هو واضح ( فلو ضاق ) الوقت ( عنها ) أي عن أقل مجزئ من خطبتيها وركعتيها ، ولو احتمالا [ ص: 421 ] ( صلوا ظهرا ) كما لو فات شرط القصر يلزمه الإتمام ، ولو شك فنواها إن بقي الوقت وإلا فالظهر صحت نيته ولم يضر هذا التعليق لاستناده إلى أصل بقاء الوقت فهو كنية ليلة ثلاثي رمضان صوم غد إن كان من رمضان كذا جزم به بعضهم وفيه نظر بل لا يصح لأنه إن أراد أن هذا التعليق لا ينافي صحة نية الظهر سواء أبانت سعة الوقت أم لا أبطله وجود التعليق المانع للجزم من غير ضرورة ؛ لأن الشك في سعته مانع لصحة الجمعة ومعين للإحرام بالظهر وحينئذ فليس التشبيه بمسألة الصوم صحيحا أو صحة نية الجمعة إن بانت سعة الوقت كان مخالفا لكلامهم ، فإن قلت : لم منع الشك هنا نية الجمعة ولم يعمل بالاستصحاب وعمل به في رمضان قلت : لأن ربط الجمعة بالوقت أقوى من ربط رمضان بوقته ؛ لأنه يقضى بخلافها وأيضا فالشك هنا في بقاء وقت الفعل فأثر وثم قبل دخول وقته فلم يؤثر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أحدها وقت الظهر ) فلا تقضى جمعة هل سننها كذلك حتى لو صلى جمعة مجزئة وترك سننها حتى خرج الوقت لم [ ص: 420 ] تقض أولا ، بل يقضيها ، وإن لم يقبل فرضها القضاء فيه نظر فليراجع ( قوله : أو عدمها ) فيه تأمل ( قوله : مع الشك ) ما المراد به ( قوله : على ما قيل ) مبنى هذا القيل على أن الظهر قضاء الجمعة فوجه فساد الرفع عنده دلالته على انتفاء قضائها مطلقا بخلاف النصب لدلالته على أن المنفي قضاؤها جمعة لكنها تقضى ظهرا ( قوله : ومر آنفا ) أي قبيل قوله وقبل الزوال كبعده ( قوله : على أن المراد بالظهر الأعم إلخ ) أقول إذا أريد بالظهر الأعم كان معنى قوله فلا تقضى جمعة في غير وقت الظهر الأعم وحينئذ فلا شبهة في صحة التفريع ؛ لأن اشتراط وقت الظهر مطلقا يستلزم عدم صحة القضاء في غير وقت الظهر مطلقا ولا في انتفاء الواسطة بين اشتراط وقت الظهر مطلقا وعدم القضاء في غيره فقوله : إن عدم القضاء لا يؤخذ من اشتراط وقت الظهر غير صحيح بل أخذه منه مما لا شبهة فيه كما تبين وقوله : لأن بينهما أي بين اشتراط وقت الظهر الأعم وعدم القضاء في غيره واسطة غير صحيح أيضا بل لا واسطة بينهما كما تبين ، فإذا أراد أن بين وقت ظهر يومها وعدم القضاء في غير وقت الظهر مطلقا فهذا لا يناسب كلامه ولا يستفاد منه نعم قد يرد على إرادة الأعم شيء آخر وهو أن نفي القضاء مطلقا في غير وقت الأعم لا يقتضي نفي القضاء مطلقا لجواز ثبوته في وقت ظهر غير يومها مع أن المقصود بيان نفي أنها لا تقضى مطلقا ولعل هذا مراد هذا القائل ، وإن كانت عبارته لا تناسبه ولا تدل عليه فليتأمل

                                                                                                                              ( قوله في المتن : فلو ضاق إلخ ) عبارة المنهج فلو ضاق أو شك ( قوله : ولو احتمالا ) هذا يفيد إن ظن سعة الوقت لا يفيد وفيه شيء ( قوله : ولو احتمالا ) ينبغي أن يكون إشارة إلى تأثير الشك فقط بدليل أن المتبادر من سياق قوله الآتي ولم يؤثر هنا الشك إلخ ؛ لأن التفاوت بين [ ص: 421 ] الموضعين في الشك فقط دون الظن ، ولو أحرموا عند الاحتمال بالظهر فبانت سعة الوقت هل يتبين عدم انعقاد الظهر ويتجه نعم ( قوله : ولو شك فنواها إن بقي الوقت وإلا فالظهر صحت نيته ) أقول : هذا ينافيه قول الروض ما نصه بل إن لم يسع أي الوقت الواجب من الخطبتين والركعتين أو شكوا في بقائه تعين الإحرام بالظهر انتهى إلا أن يخصص هذا القائل كلام الروض بغير التعليق ولا يخفى ما فيه نعم إن صورت المسألة بما إذا لم يشك لنحو اعتقاده سعة الوقت فعلق كما ذكر كانت الصحة ظاهرة ( قوله : كذا جزم به بعضهم ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ( قوله : لأن الشك في سعته مانع ) أي كما تقدم وينبغي أنه لو نوى عند سعة الوقت ، ولو ظنا الجمعة إن توفرت شروطها وإلا فهي ظهر صحت هذه النية وحصلت الجمعة إن توفرت شروطها وإلا فالظهر ولا يضر هذا التعليق ؛ لأنه تصريح بمقتضى الحال

                                                                                                                              ( قوله : وثم قبل دخول وقته فلم يؤثر ) وأيضا فثم علامة على بقاء رمضان وهو عدم تمام العدد وبخلافه هنا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي شروط غيرها ) أشار به إلى أنه ليس لغير الجمعة شرط واحد وإلى أن الشرط بمعنى الشروط ويمكن الاستغناء عن التأويل المذكور بجعل الإضافة للاستغراق أي مع كل شرط من شروط غيرها ع ش ( قوله : شروط خمسة ) لا ينافيه عدها في المنهج ستة لأنه اعتبر كون العدد أربعين شرطا مستقلا بخلافه هنا ع ش قول المتن ( أحدها وقت الظهر ) أي خلافا للإمام أحمد فقال بجوازها قبل الزوال مغني و ع ش ( قوله : بأن يبقى إلخ ) أي يقينا أو ظنا سم و ع ش ( قوله : ما يسعها إلخ ) ومعلوم أنه يخرج منها بالتسليمة الأولى وعليه فلو أتى بها فدخل وقت العصر هل يمتنع عليه الإتيان بالتسليمة الثانية أم لا فيه نظر والأقرب الثاني ؛ لأنها تابعة لما وقع في الوقت فليراجع ع ش أقول قياس الحدث عقب التسليمة الأولى الأول

                                                                                                                              ( قوله : للاتباع إلخ ) ولأنهما فرضا وقت واحد فلم يختلف وقتهما كصلاة الحضر والسفر مغني ونهاية ( قوله : وجرى عليه الخلفاء إلخ ) أي فصار إجماعا فعليا ( قوله : ولو أمر الإمام ) إلى قوله ، ولو شك في النهاية إلا قوله : أو عدمها وقوله : على ما قيل إلى والفاء ( قوله : ولو أمر الإمام بالمبادرة إلخ ) كان المراد بالمبادرة فعلها قبل الزوال وبعدمها تأخيرها إلى وقت العصر كما قال بكل منهما بعض الأئمة ولا بعد فيه ، وإن لم يقلد المصلي القائل بذلك لما سيأتي أن حكم الحاكم يرفع الخلاف ظاهرا وباطنا وسيأتي في النكاح في الوطء في نكاح بغير ولي ما يصرح بذلك وظاهر أن مثله فيما ذكر كل مختلف فيه كفعلها خارج خطة إلا بنية مثلا ويحتمل بقاء العبارة على ظاهرها من أن المراد بالمبادرة فعلها أول الوقت وبعدمها تأخيرها إلى آخر وقتها بصري وقوله : ولا بعد فيه إلخ فيه وقفة ظاهرة فإنهم صرحوا بأنه لا يجوز للإمام أن يدعو الناس إلى مذهبه وأن يتعرض بأوقات صلوات الناس وبأنه إنما يجب امتثال أمر الإمام باطنا إذا أمر [ ص: 420 ] بمستحب أو مباح فيه مصلحة عامة فكيف يجب باطنا امتثال أمره بتقديم الجمعة على وقت الظهر أو تأخيرها عنه الحرام وقوله : لما سيأتي أن حكم الحاكم يرفع الخلاف إلخ ظاهر المنع فإن الحكم الشرعي معتبر في حقيقته تعلقه بمعين وما هنا ليس كذلك بخلاف ما يأتي في النكاح وعلى فرض كونه حكما فهو حكم فاسد موجب للمحرم لا ينفذ باطنا فتعين حمل كلام الشارح على ظاهره من أن المراد بالمبادرة فعل الجمعة في أول وقت الظهر وبعدمها فعلها في آخره كما هو ظاهر صنيع النهاية وسم وصريح اقتصار ع ش على هذا المراد والله أعلم

                                                                                                                              ( قوله : بها ) أو بغيرها من بقية الصلوات ع ش و ( قوله : أو عدمها ) فيه تأمل سم على حج ولعل وجهه أنه إذا أمر بغير مطلوب لا يجب امتثاله ويرد هذا ما صرحوا به في الاستسقاء من وجوب امتثال الإمام فيما أمر به ما لم يكن محرما على أنه قد يكون التأخير هنا لمصلحة رآها الإمام . ا هـ . ع ش وقوله : ما لم يكن محرما شامل لمباح لا مصلحة فيه وللمكروه وفيه نظر ظاهر كما يعلم بمراجعة باب الاستسقاء ( قوله : فلا يجوز الشروع ) إلى المتن في المغني

                                                                                                                              ( قوله : مع الشك ) لعل المراد بالشك الاستواء أو مع رجحان الخروج ، فإن ظن البقاء فتتعين الجمعة سم على المنهج وظاهره ، وإن لم يكن الظن ناشئا عن اجتهاد أو نحوه وهو ظاهر لاعتضاده بالأصل فلو أحرم بالظهر ظانا خروج الوقت فتبين سعته تبين عدم انعقاد الظهر فرضا ووقع نفلا مطلقا إن لم يكن عليه ظهر آخر وإلا وقع عنه ، فإن كان الوقت باقيا يمكن فيه فعل الجمعة فعلها وإلا قضى الظهر ع ش ( قوله : ولا تقضى إذا فاتت إلخ ) هل سنتها كذلك حتى لو صلى مجزئة وترك سنتها حتى خرج الوقت لم تقض أو لا بل يقضيها ، وإن لم يقبل فرضها القضاء فيه نظر فليراجع سم على حج واستظهر الزركشي أنها تقضى ونقل عن العلامة شيخنا الشوبري مثله ووجهه بأنها تابعة لجمعة صحيحة وداخلة في عموم أن النفل المؤقت يسن قضاؤه ع ش ( قوله : بالنصب ) أي على الحالية ع ش ( قوله : على ما قيل ) مبنى هذا القيل على أن الظهر قضاء الجمعة فوجه فساد الرفع عنده دلالته على انتفاء قضائها مطلقا بخلاف النصب لدلالته على أن المنفي قضاؤها جمعة لكنها تقضى ظهرا و ( قوله : ومر آنفا ) أي قبيل قوله وقبل الزوال كبعده وسم

                                                                                                                              ( قوله : والفاء ) إلى قوله ولك رده في المغني إلا قوله : بل أفسد الأول ( قوله : لأن بينهما إلخ ) أي بين اشتراط وقت الظهر وعدم القضاء شيء آخر وهو القضاء جمعة في ظهر يوم آخر فلا يتعين مع الاشتراط عدم القضاء حتى يؤخذ هذا منه كردي ( قوله : ولك رده إلخ ) استشكله سم راجعه ( قوله : أن المراد بالظهر ) أي في المتن قول المتن ( فلو ضاق إلخ ) أي أو شك في ذلك منهج ا هـ سم ( قوله : ولو احتمالا ) ينبغي أن يكون إشارة إلى تأثير الشك فقط أي التردد مع استواء دون [ ص: 421 ] الظن بدليل أن المتبادر من سياق قوله الآتي ولم يؤثر هنا الشك إلخ أن التفاوت بين الموضعين في الشك فقط دون الظن ، ولو أحرموا عند الاحتمال بالظهر فبانت سعة الوقت هل يتجه عدم انعقاد الظهر ويتجه نعم . ا هـ . سم وقوله : ولو أحرموا إلخ تقدم عن ع ش آنفا ما يوافقه بزيادة قول المتن ( صلوا ظهرا ) أي وجب عليهم أن يحرموا بالظهر ولا ينعقد إحرامهم بالجمعة شيخنا وكذا عند الشك في سعة الوقت كما في المنهج والروضة والنهاية وتقدم ويأتي في الشرح

                                                                                                                              ( قوله : صحت نيته إلخ ) أقول هذا ينافيه قول الروض ما نصه بل إن لم يسع أي الوقت الواجب من الخطبتين والركعتين أو شكوا في بقائه تعين الإحرام بالظهر انتهى إلا أن يخصص هذا القائل كلام الروض بغير التعليق ولا يخفى ما فيه نعم إن صورت المسألة بما إذا لم يشك لنحو اعتقاد سعة الوقت فعلق كما ذكر كانت الصحة ظاهرة سم ( قوله : كذا جزم به بعضهم ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي سم وظاهره بل صريحه أن الإفتاء في صورة الشك ويأتي عن ع ش عن سم على المنهج خلافه ( قوله : بل لا يصح ) يؤيده كلام الروض وغيره ، ولو شكوا في بقاء الوقت تعين الإحرام بالظهر كردي ( قوله : للجزم ) أي بالظهر و ( قوله : لأن إلخ ) علة لقوله من غير ضرورة و ( قوله : أو صحة إلخ ) عطف على صحة كردي ( قوله : لأن الشك في سعته مانع إلخ ) أي كما تقدم وينبغي أنه لو نوى عند سعة الوقت ، ولو ظنا الجمعة إن توفرت شروطها وإلا فهي ظهر صحت هذه النية وحصلت الجمعة إن توفرت شروطها وإلا فالظهر ولا يضر هذا التعليق ؛ لأنه تصريح بمقتضى الحال سم

                                                                                                                              ( قوله : أو صحة نية الجمعة إلخ ) جرى عليه النهاية لكنه لم يصرح بالشك عبارته ، ولو قال : إن كان وقت الجمعة باقيا فجمعة ، وإن لم يكن فظهر ، ثم بان بقاؤه فوجهان أقيسهما الصحة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ؛ لأن الأصل بقاء الوقت ولأنه نوى ما في نفس الأمر فهو تصريح بمقتضى الحال . ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قال سم على المنهج بعد هذا وصورة المسألة أنه عند الإحرام يعلم بقاء ما يسعها من الوقت أو يظن ذلك فلا يرد ما عساه يتوهم من أن هذا لا يتصور ؛ لأنه إذا شك في بقاء الوقت قبل الإحرام وجب الإحرام بالظهر انتهى وهذا التصوير هو الملاقي لعبارة الشارح م ر وفي حاشية الزيادي ما ينافي هذا التصوير حيث قال لو شك فنوى الجمعة إن بقي الوقت وإلا فالظهر صحت نيته ولم يضر هذا التعليق إلخ ، ثم نظر تبعا لحج في الصحة التي نقل الجزم بها عن غيره ا هـ أقول وتعليل النهاية ظاهر في التصوير بالشك كما جزم به الحلبي عبارته ، ولو نوى في صورة الشك الجمعة إن كان الوقت باقيا وإلا فالظهر لم يضر هذا التعليق حيث تبين بقاء الوقت كما أفتى به والد شيخنا لأنه تصريح بمقتضى الحال عند الاحتمال وأما عند تيقن الوقت أو ظنه فلا يصح هذا التعليق بل الواجب الجزم بنية الجمعة . ا هـ . ( قوله : لكلامهم ) أي الذي سبق قريبا بقوله اتفاقا كردي ( قوله : هنا في بقاء ) لعل هنا قلب مكان من الكاتب فإن حق المقابلة بما يأتي في بقاء هنا ووقت الفعل خبر فالشك فتأمل ( قوله : وثم قبل دخول الوقت إلخ ) وأيضا فثم علامة على بقاء رمضان وهو عدم تمام العدد بخلافه هنا سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية