الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في العبد المأذون له في التجارة يعتق وله أم ولد قد ولدت منه قبل أن يعتق أو أعتق وفي بطنها ولد منه قلت : أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى جارية فوطئها بملك اليمين بإذن السيد أو بغير إذن السيد فولدت منه ، ثم أعتق العبد بعد ذلك فتبعته كما يتبعه ماله ، أتكون بذلك المولود أم ولد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا تكون به أم ولد ، وله أن يبيعها ، وكل ولد ولدته قبل أن يعتق أو أعتقه سيده وأمته حامل منه لم تضعه فإن ما ولدته قبل أن يعتقه سيده وما في بطن أمته رقيق كلهم للسيد ، ولا تكون بشيء منهم أم ولد ; لأنهم عبيد ، وإنما أمهم بمنزلة ماله ; لأنه إذا أعتقه سيده تبعه ماله

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : إلا أن يملك العبد ذلك الحمل الذي في بطن جاريته منه بعد حريته قبل أن تضعه فتكون به أم ولد .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلت لمالك فلو أن العبد حيث أعتقه سيده أعتق جاريته وهي حامل منه ؟ قال : قال لي مالك : لا عتق له في جاريته ، وحدودها وحرمتها وجراحها جراح أمة حتى تضع ما في بطنها ، فيأخذه سيده ، وتعتق الأمة إذا وضعت ما في بطنها بالعتق الذي أعتقها به العبد المعتق ولا تحتاج الجارية ههنا إلى أن يجدد لها عتقا .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ونزل هذا ببلدنا وحكم به .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وسأله بعض أصحابه ابن كنانة بعدما قال لي هذا القول بأعوام : أرأيت المدبر إذا اشترى جارية فوطئها ثم حملت ثم عجل سيده عتقه وقد علم أن ماله يتبعه أترى ولده يتبع المدبر ؟ قال : لا ، ولكنها إذا وضعته كان مدبرا على حال ما كان عليه الأب قبل أن يعتقه السيد والجارية للعبد تبع ; لأنها ماله

                                                                                                                                                                                      قلت : وتصير ملكا له ولا تكون بهذا الولد أم ولد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قد اختلف قول مالك في هذا بمنزلة ما اختلف في المكاتب وجعله في هذه الجارية بمنزلة المكاتب في جاريته [ ص: 58 ]

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم والذي سمعت من مالك أنه قال : تكون أم ولد إذا ولدته في التدبير أو في الكتابة ، فقلت لمالك : وإن لم يكن لها يوم تعتق ولد حي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : وإن لم يكن لها يوم تعتق ولد حي ، قلت : ما حجة مالك في التي في بطنها ولد من هذا العبد الذي أعتقه سيده فقال المعتق هي حرة لم جعلها في جراحها وحدودها بمنزلة الأمة وإنما في بطنها ولد للسيد وهي إذا وضعت ما في بطنها كانت حرة باللفظ الذي أعتقها به العبد المعتق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن ما في بطنها ملك للسيد فلا يصلح أن تكون حرة وما في بطنها رقيق ، فلما لم يجز هذا وقفت ولم تنفذ لها حريتها حتى تضع ما في بطنها ، ومما يبين لك أن العبد إذا كاتبه سيده وله أمة حامل منه أن ما في بطنها رقيق ولا يدخل في كتابة المكاتب إلا أن يشترطه المكاتب

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية