الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ مقتل أبي بن خلف ]

            قال ) : فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول : أي محمد ، لا نجوت إن نجوت ، فقال القوم : يا رسول الله ، أيعطف عليه رجل منا ؟ فقال رسول الله : دعوه ، فلما دنا ، تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ؛ يقول بعض القوم ، فيما ذكر لي : فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة ، تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها - قال ابن هشام : الشعراء : ذباب له لدغ - ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا .

            قال ابن هشام : تدأدأ ، يقول : تقلب عن فرسه فجعل يتدحرج .

            قال ابن إسحاق : وكان أبي بن خلف ، كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فيقول : يا محمد إن عندي العوذ ، فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة ، أقتلك عليه ؛ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أنا أقتلك إن شاء الله . فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير ، فاحتقن الدم ، قال : قتلني والله محمد قالوا له : ذهب والله فؤادك والله إن بك من بأس ، قال : إنه قد كان قال لي بمكة : أنا أقتلك ، فوالله لو بصق علي لقتلني . فمات عدو الله سرف وهم قافلون به إلى مكة . وقال الواقدي : وكان ابن عمر يقول : مات أبي بن خلف ببطن رابغ ، فإني لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل ، فإذا أنا بنار تأجج ، فهبتها ، وإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يهيجه العطش ، فإذا رجل يقول : لا تسقه ; فإنه قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبي بن خلف [ شعر حسان في مقتل أبي بن خلف ]

            قال ابن إسحاق : فقال حسان بن ثابت في ذلك :


            لقد ورث الضلالة عن أبيه أبي يوم بارزه الرسول     أتيت إليه تحمل رم عظم
            وتوعده وأنت به جهول     وقد قتلت بنو النجار منكم
            أمية إذ يغوث : يا عقيل     وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا
            أبا جهل ، لأمهما الهبول     وأفلت حارث لما شغلنا
            بأسر القوم ، أسرته فليل



            قال ابن هشام : أسرته : قبيلته . وقال حسان بن ثابت أيضا في ذلك :


            ألا من مبلغ عني أبيا     لقد ألقيت في سحق السعير
            تمنى بالضلالة من بعيد     وتقسم أن قدرت مع النذور
            تمنيك الأماني من بعيد     وقول الكفر يرجع في غرور
            فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ     كريم البيت ليس بذي فجور
            له فضل على الأحياء طرا     إذا نابت ملمات الأمور

            التالي السابق


            الخدمات العلمية