الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( فصل : ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل ، قول القلب واللسان ، وعمل القلب واللسان والجوارح ، وأن الإيمان يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ) .

      [ ص: 264 ] [ ص: 265 ]

      التالي السابق


      [ ص: 264 ] [ ص: 265 ] ش سبق أن ذكرنا في مسألة الأسماء والأحكام أن أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان ، وأن هذه الثلاثة داخلة في مسمى الإيمان المطلق .

      فالإيمان المطلق يدخل فيه جميع الدين : ظاهره وباطنه ، أصوله وفروعه ، فلا يستحق اسم الإيمان المطلق إلا من جمع ذلك كله ولم ينقص منه شيئا .

      ولما كانت الأعمال والأقوال داخلة في مسمى الإيمان ؛ كان الإيمان قابلا للزيادة والنقص ، فهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ؛ كما هو صريح الأدلة من الكتاب والسنة ، وكما هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم وأعمال قلوبهم وأعمال جوارحهم .

      [ ص: 266 ] ومن الأدلة على زيادة الإيمان ونقصه أن الله قسم المؤمنين ثلاث طبقات ، فقال سبحانه : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله .

      فالسابقون بالخيرات هم الذين أدوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات ، وهؤلاء هم المقربون .

      والمقتصدون هم الذين اقتصروا على أداء الواجبات وترك المحرمات .

      والظالمون لأنفسهم هم الذين اجترءوا على بعض المحرمات وقصروا ببعض الواجبات مع بقاء أصل الإيمان معهم .

      ومن وجوه زيادته ونقصه كذلك أن المؤمنين متفاوتون في علوم الإيمان ، فمنهم من وصل إليه من تفاصيله وعقائده خير كثير ، فازداد به إيمانه ، وتم يقينه ، ومنهم من هو دون ذلك ، حتى يبلغ الحال ببعضهم ألا يكون معه إلا إيمان إجمالي لم يتيسر له من التفاصيل شيء ، وهو مع ذلك مؤمن .

      وكذلك هم متفاوتون في كثير من أعمال القلوب والجوارح ، وكثرة الطاعات وقلتها .

      [ ص: 267 ] وأما من ذهب إلى أن الإيمان مجرد التصديق بالقلب ، وأنه غير قابل للزيادة أو النقص ؛ كما يروى عن أبي حنيفة وغيره ؛ فهو محجوج بما ذكرنا من الأدلة ، قال عليه السلام : الإيمان بضع وسبعون شعبة ؛ أعلاها : قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق .




      الخدمات العلمية