الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              158 (35) باب

                                                                                              من قتل نفسه بشيء عذب به

                                                                                              [ 85 ] عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده ، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن شرب سما فقتل نفسه ، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه ، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 254 و 478 و 488 ) ، والبخاري ( 5778 ) ، ومسلم ( 109 ) ، وأبو داود ( 3872 ) ، والترمذي ( 2044 ) و ( 2045 ) ، والنسائي ( 4 \ 66- 67 ) .

                                                                                              [ ص: 310 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 310 ] (35) ومن باب : من قتل نفسه بشيء عذب به

                                                                                              (قوله : " من قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده ، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ") يتوجأ : يطعن ، وهو مهموز ، من قولهم : وجأته بالسكين أجؤه ; أي : ضربته ، ووجئ هو ، فهو موجوء ، ومصدره : وجئا مقصورا مهموزا ، فأما الوجاء ، بكسر الواو والمد : فهو رض الأنثيين ، وهو ضرب من الخصاء .

                                                                                              و (قوله : " خالدا مخلدا فيها أبدا ") ظاهره : التخليد الذي لا انقطاع له بوجه ، وهو محمول على من كان مستحلا لذلك ، ومن كان معتقدا لذلك ، كان كافرا . وأما [ ص: 311 ] من قتل نفسه ، وهو غير مستحل ، فليس بكافر ، بل يجوز أن يعفو الله عنه ، كما يأتي في الباب الآتي بعد هذا ، في الذي قطع براجمه فمات ، وكما تقدم في حديث عبادة وغيره .

                                                                                              ويجوز أن يراد بقوله : خالدا مخلدا فيها أبدا تطويل الآماد ، ثم يكون خروجه من النار من آخر من يخرج من أهل التوحيد ; ويجري هذا مجرى المثل فتقول العرب : خلد الله ملكك ، وأبد أيامك ، ولا أكلمك أبد الآبدين ، ولا دهر الداهرين ، وهو ينوي أن يكلمه بعد أزمان . ويجري هذا مجرى الإعياء في الكلام على ما تقدم ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              والسم : القاتل للحيوان ، يقال بضم السين وفتحها . فأما السم الذي هو ثقب الإبرة : فبالفتح لا غير .

                                                                                              ويتحساه : يشربه و : يتجرعه ولا يكاد يسيغه [ إبراهيم : 17 ] ; كما قال الله تعالى .




                                                                                              الخدمات العلمية