الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم إيضاحه في سورة " الحج " ، وغيرها . قوله تعالى وكان الكافر على ربه ظهيرا . الظهير في اللغة : المعين ، ومنه قوله تعالى : والملائكة بعد ذلك ظهير [ 66 \ 4 ] وقوله تعالى : قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين [ 28 \ 17 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله في هذه الآية الكريمة : وكان الكافر على ربه ظهيرا ، على أظهر الأقوال : وكان الكافر معينا للشيطان ، وحزبه من الكفرة على عداوة الله ورسله ، فالكافر من حزب الشيطان يقاتل في سبيله أولياء الله ، الذين يقاتلون في سبيل الله ، فالكافر يعين الشيطان وحزبه في سعيهم ; لأن تكون كلمة الله ليست هي العليا ، وهذا المعنى دلت عليه [ ص: 69 ] آيات من كتاب الله ; كقوله تعالى : الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان الآية [ 4 \ 76 ] ومعلوم أن الذي يقاتل في سبيل الطاغوت ، المقاتلين في سبيل الله ، أنه على ربه ظهير .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون [ 36 \ 74 - 75 ] على قول من قال : إن الجند المحضرون هم الكفار ، يقاتلون عن آلهتهم ويدافعون عنها ، ومن قاتل عن الأصنام مدافعا عن عبادتها ، فهو على ربه ظهير ، وكونه ظهيرا على ربه ، أي : معينا للشيطان وحزبه على عداوة الله ورسله ; ككونه عدوا له المذكور في قوله تعالى : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين [ 2 \ 98 ] وقوله تعالى : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون [ 41 \ 19 ] ومعلوم بالضرورة أن جميع الخلق لو تعاونوا على عداوة الله لا يمكن أن يضروه بشيء ، وإنما يضرون بذلك أنفسهم : ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد [ 35 \ 15 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية