الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الرابع : نية الاقتداء . فمن شروط الاقتداء : أن ينوي المأموم الجماعة أو الاقتداء ، وإلا فلا تكون صلاته صلاة جماعة ، وينبغي أن يقرن هذه النية بالتكبير كسائر ما ينويه ، فإن ترك نية الاقتداء ، انعقدت صلاته على الأصح . وعلى هذا لو شك في أثناء صلاته في نية الاقتداء نظر إن تذكر قبل أن يحدث فعلا على متابعة الإمام لم يضر ، وإن تذكر بعد أن أحدث فعلا على متابعته بطلت صلاته ، لأنه في حال الشك له حكم المنفرد ، وليس له المتابعة . حتى لو عرض هذا الشك في التشهد الأخير ، لا يجوز أن يقف سلامه على سلام الإمام . وهذا الذي ذكرنا من بطلان صلاته بالمتابعة - هو إذا انتظر ركوعه وسجوده ليركع [ ص: 366 ] ويسجد معه . فأما إذا اتفق انقضاء فعله ، مع انقضاء فعله فهذا لا يبطل قطعا . لأنه لا يسمى متابعة . والمراد : الانتظار الكثير . فأما اليسير فلا يضر . وهل تجب نية الاقتداء في الجمعة ؟ وجهان . الصحيح : وجوبها . والثاني : لا ، لأنها لا تصح إلا بجماعة فلم يحتج إليها .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا يجب على المأموم أن يعين في نيته الإمام ، بل يكفي نية الاقتداء بالإمام الحاضر ، فلو عين فأخطأ ، بأن نوى الاقتداء بزيد ، فبان عمرا ، لم تصح صلاته . كما لو عين الميت في صلاة الجنازة وأخطأ ، لا تصح . ولو نوى الاقتداء بالحاضر ، واعتقد زيدا فكان غيره ، ففي صحته وجهان . كما لو قال : بعتك هذا الفرس فكان بغلا .

                                                                                                                                                                        قلت : الأرجح صحة الاقتداء . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        اختلاف نية الإمام والمأموم فيما يأتيان به من الصلاة ، لا يمنع صحة الاقتداء ، فيجوز أن يقتدي المؤدي بالقاضي وعكسه ، والمفترض بالمتنفل وعكسه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 367 ] فرع

                                                                                                                                                                        لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة ، سواء اقتدى به الرجال أو النساء . وحكى أبو الحسن العبادي عن أبي حفص البابشامي ، والقفال : أنه تجب نية الإمامة على الإمام . وأشعر كلامه بأنهما يشترطانها في صحة الاقتداء ، وهذا شاذ منكر ، والصحيح المعروف الذي قطع به الجماهير أنها لا تجب . لكن هل تكون صلاته صلاة جماعة ينال بها فضيلة الجماعة إذا لم ينوها ؟ وجهان . أصحهما : لا ينالها لأنه لم ينوها . وقال القاضي حسين : فيمن صلى منفردا ، واقتدى به جمع ولم يعلم بهم ، ينال فضيلة الجماعة ، لأنهم نالوها بسببه ، وهذا كالتوسط بين الوجهين .

                                                                                                                                                                        ومن فوائد الوجهين أنه إذا لم ينو الإمامة في صلاة الجمعة ، هل تصح جمعته ؟ الأصح : أنها لا تصح . ولو نوى الإمامة وعين في نيته المقتدي فبان خلافه لم يضر ، لأن غلطه لا يزيد على تركها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية