الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب علامات البلوغ 2317 - ( عن علي بن أبي طالب قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يتم بعد احتلام ، ولا صمات يوم إلى الليل } رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            2318 - ( وعن ابن عمر قال : { عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني } [ ص: 296 ] رواه الجماعة ) .

                                                                                                                                            2319 - ( وعن عطية قال : { عرضنا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة ، فكان من أنبت قتل ، ومن لم ينبت خلي سبيله ، وكنت ممن لم ينبت فخلي سبيلي } رواه الخمسة وصححه الترمذي وفي لفظ : { فمن كان محتلما أو نبتت عانته قتل ، ومن لا ترك } رواه أحمد والنسائي )

                                                                                                                                            2320 - ( وعن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { اقتلوا شيوخ المشركين ، واستحيوا شرخهم } والشرخ الغلمان الذين لم ينبتوا رواه الترمذي وصححه ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث علي عليه السلام في إسناده يحيى بن محمد المدني الجاري منسوب إلى الجار بالجيم والراء المهملة : بلدة على الساحل بالقرب من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم قال البخاري : يتكلمون فيه وقال ابن حبان : يجب التنكب عما انفرد به من الروايات وقال العقيلي : لا يتابع يحيى المذكور على هذا الحديث وفي الخلاصة أنه وثقه العجلي وابن عدي قال المنذري : وقد روي هذا الحديث من رواية جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وليس فيها شيء يثبت وقد أعل هذا الحديث أيضا عبد الحق وابن القطان وغيرهما ، وحسنه النووي متمسكا بسكوت أبي داود عليه ، ورواه الطبراني في الصغير بسند آخر عن علي عليه السلام ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده وأخرج نحوه الطبراني في الكبير عن حنظلة بن حذيفة عن جده .

                                                                                                                                            وإسناده لا بأس به وأخرج نحوه أيضا ابن عدي عن جابر وحديث ابن عمر زاد فيه البيهقي وابن حبان في صحيحه بعد قوله : { لم يجزني ولم يرني بلغت } وقد صحح هذه الزيادة أيضا ابن خزيمة وحديث عطية القرظي صححه أيضا ابن حبان والحاكم وقال : على شرط الصحيحين قال الحافظ : وهو كما قال إلا أنهما لم يخرجا لعطية وما له إلا هذا الحديث الواحد وقد أخرج نحو حديث عطية الشيخان من حديث أبي سعيد بلفظ : { فكان يكشف عن مؤتزر المراهقين ، فمن أنبت منهم قتل ، ومن لم ينبت جعل في الذراري } وأخرج البزار من حديث سعد بن أبي وقاص { حكم على بني قريظة أن يقتل منهم كل من جرت عليه المواسي } وأخرج الطبراني من حديث أسلم بن بحير الأنصاري قال : { جعلني النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 297 ] على أسارى قريظة فكنت أنظر في فرج الغلام فإن رأيته قد أنبت ضربت عنقه ، وإن لم أره قد أنبت جعلته في مغانم المسلمين } قال الطبراني : لا يروى عن أسلم إلا بهذا الإسناد .

                                                                                                                                            قال الحافظ : وهو ضعيف وحديث سمرة أخرجه أيضا أبو داود وهو من رواية الحسن عن سمرة ، وفي سماعه منه مقال قد تقدم وفي الباب عن أنس عند البيهقي بلفظ { إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ما له وما عليه وأقيمت عليه الحدود } قال في التلخيص : وسنده ضعيف وعن عائشة عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم بلفظ : { رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق } وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي وأحمد والدارقطني والحاكم وابن حبان وابن خزيمة عن علي عليه السلام من طرق ، وفيه قصة جرت له مع عمر علقها البخاري ، فمن الطرق عن أبي ظبيان عنه بالحديث والقصة ، ومنها عن أبي ظبيان عن ابن عباس ، وهي من رواية جرير بن حازم عن الأعمش عنه ، وذكره الحاكم عن شعبة عن الأعمش كذلك لكنه وقفه ، وقال البيهقي : تفرد برفعه جرير بن حازم قال الدارقطني في العلل : وتفرد به عن جرير عبد الله بن وهب ، وخالفه ابن فضيل ووكيع فروياه عن الأعمش موقوفا ، وكذا قال أبو حصين عن أبي ظبيان ، وخالفهم عمار بن زريق فرواه عن الأعمش ولم يذكر فيه ابن عباس ، وكذا قال عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي وعمر رضي الله عنهما مرفوعا قال الحافظ : وقول وكيع وابن فضيل أشبه بالصواب وقال النسائي : حديث أبي حصين أشبه بالصواب ورواه أيضا أبو داود من حديث أبي الضحى عن علي عليه السلام بالحديث دون القصة وأبو الضحى قال أبو زرعة : حديثه عن علي مرسل ورواه ابن ماجه من حديث القاسم بن يزيد عن علي قال أبو زرعة : وهو مرسل أيضا ورواه الترمذي من حديث الحسن البصري ، قال أبو زرعة أيضا : وهو مرسل لم يسمع الحسن من علي شيئا وروى الطبراني عن أبي إدريس الخولاني قال : أخبرني غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان ومالك بن شداد وغيرهما فذكر نحوه .

                                                                                                                                            وفي إسناده برد بن سنان وهو مختلف فيه قال الحافظ : وفي إسناده مقال في اتصاله ورواه الطبراني أيضا من طريق مجاهد عن ابن عباس وإسناده ضعيف كما قال الحافظ

                                                                                                                                            قوله : ( لا يتم بعد احتلام ) استدل به على أن الاحتلام من علامات البلوغ وتعقب بأنه بيان لغاية مدة اليتم وارتفاع اليتم لا يستلزم البلوغ الذي هو مناط التكليف ; لأن اليتم يرتفع عند إدراك الصبي لمصالح دنياه ، والتكليف إنما يكون عند إدراكه لمصالح آخرته والأولى الاستدلال بما وقع في رواية لأحمد وأبي داود والحاكم من حديث علي عليه السلام بلفظ : { وعن الصبي حتى يحتلم } ويؤيد ذلك قوله في حديث [ ص: 298 ] عطية " فمن كان محتلما " وقد حكى صاحب البحر الإجماع على أن الاحتلام مع الإنزال من علامات البلوغ في الذكر .

                                                                                                                                            ولم يجعله المنصور بالله علامة في الأنثى قوله : " ولا صمات . . . إلخ " الصمات : السكوت قال في القاموس : وما ذقت صماتا كسحاب شيئا ، ولا صمت يوما أو يوم أو يوم إلى الليل ، أي : لا يصمت يوم تام . انتهى

                                                                                                                                            قوله : ( فلم يجزني ) وقوله " فأجازني " المراد بالإجازة : الإذن بالخروج للقتال ، من أجازه : إذا أمضاه وأذن له ، لا من الجائزة التي هي العطية كما فهمه صاحب ضوء النهار ، وقد استدل بحديث ابن عمر هذا من قال : إن مضي خمس عشرة سنة من الولادة يكون بلوغا في الذكر والأنثى وإليه ذهب الجمهور وتعقب ذلك الطحاوي وابن القصار وغيرهما بأنه لا دلالة في الحديث على البلوغ ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتعرض لسنه ، وإن فرض خطور ذلك ببال ابن عمر ، ويرد هذا التعقيب ما ذكرنا من الزيادة في الحديث أعني قوله : " ولم يرني بلغت " وقوله " ورآني بلغت " والظاهر أن ابن عمر لا يقول هذا بمجرد الظن من دون أن يصدر منه صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : بل مضي ثمان عشرة سنة للذكر وسبع عشرة سنة للأنثى قوله : " فكان من أنبت . . . إلخ " استدل به من قال : إنالإنبات من علامات البلوغ ، وإليه ذهبت الهادوية .

                                                                                                                                            وقيدوا ذلك أن يكون الإنبات بعد التسع وتعقب بأن قتل من أنبت ليس من أجل التكليف بل لرفع ضرره لكونه مظنة للضرر كقتل الحية ونحوها ورد هذا التعقب بأن القتل لمن كان كذلك ليس لأجل الكفر لا لدفع الضرر لحديث : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله } وطلب الإيمان وإزالة المانع منه فرع التكليف ويؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغزو إلى البلاد البعيدة كتبوك ويأمر بغزو أهل الأقطار النائية مع كون الضرر ممن كان كذلك مأمونا ، وكون قتال الكفار لكفرهم هو مذهب طائفة من أهل العلم

                                                                                                                                            وذهبت طائفة أخرى إلى أن قتالهم لدفع الضرر ، والقول بهذه المقالة هو منشأ ذلك التعقب ومن القائلين بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية حفيد المصنف وله في ذلك رسالة قوله : ( شرخهم ) بفتح الشين المعجمة وسكون الراء المهملة بعدها خاء معجمة . قال في القاموس : هو أول الشباب انتهى ، وقيل : هم الغلمان الذين لم يبلغوا ، وحمله المصنف على من لم ينبت من الغلمان ولا بد من ذلك للجمع بين الأحاديث ، وإن كان أول الشباب يطلق على من كان في أول الإنبات ، والمراد بالإنبات المذكور في الحديث هو إنبات الشعر الأسود المتجعد في العانة ، لا إنبات مطلق الشعر فإنه موجود في الأطفال




                                                                                                                                            الخدمات العلمية