الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الخامس : توافق نظم الصلاتين في الأفعال والأركان ، فلو اختلفت صلاتا الإمام والمأموم في الأفعال الظاهرة ، بأن اقتدى مفترض بمن يصلي جنازة ، أو كسوفا ، لم تصح على الصحيح . وتصح على الثاني ، وهو قول القفال . فعلى هذا إذا اقتدى بمصلي الجنازة لا يتابعه في التكبيرات والأذكار بينها ، بل إذا كبر الإمام الثانية ، يتخير بين إخراج نفسه من المتابعة ، وبين انتظار سلام الإمام . وإذا اقتدى بمصلي الكسوف ، تابعه في الركوع الأول . ثم إن شاء رفع رأسه معه وفارقه ، وإن شاء انتظره . قال إمام الحرمين : وإنما قلنا : ينتظره في الركوع إلى أن يعود إليه الإمام ، ويعتدل معه عن ركوعه الثاني ، ولا ينتظره [ ص: 368 ] بعد الرفع لما فيه من تطويل الركن القصير . أما إذا اتفقت الصلاتان في الأفعال الظاهرة فينظر إن اتفق عددهما كالظهر خلف العصر أو العشاء جاز الاقتداء . وإن كان عدد ركعات الإمام أقل كالظهر خلف الصبح جاز . وإذا تمت صلاة الإمام ، قام المأموم وأتم صلاة نفسه كالمسبوق . ويتابع الإمام في القنوت . ولو أراد مفارقته عند اشتغاله بالقنوت جاز . وإذا اقتدى في الظهر بالمغرب ، وانتهى الإمام إلى الجلوس الأخير ، تخير المأموم في المتابعة والمفارقة كالقنوت . وإن كان عدد ركعات المأموم أقل كالصبح خلف الظهر ، فالمذهب جوازه وقيل : قولان ، أظهرهما : جوازه . والثاني : بطلانه . فإذا صححنا ، وقام الإمام إلى الثالثة ، تخير المأموم ، إن شاء فارقه وسلم ، وإن شاء انتظره ليسلم معه .

                                                                                                                                                                        قلت : انتظاره أفضل . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وإن أمكنه أن يقنت في الثانية ، بأن وقف الإمام يسيرا ، قنت . وإلا فلا شيء عليه . وله أن يخرج عن متابعته ليقنت . ولو صلى المغرب خلف الظهر ، فإذا قام الإمام إلى الرابعة ، لم يتابعه بل يفارقه ، ويتشهد ويسلم . وهل له أن يترك التشهد وينتظره ؟ وجهان . أحدهما : له ذلك كما قلنا في المقتدي بالصبح خلف الظهر . والثاني : وهو المذهب عند إمام الحرمين ، ليس له ذلك ، لأنه يحدث تشهدا لم يفعله الإمام . ولو صلى العشاء خلف التراويح ، جاز . فإذا سلم الإمام قام إلى باقي صلاته ، والأولى أن يتمها منفردا . فلو قام الإمام إلى ركعتين أخريين من التراويح ، فنوى الاقتداء به ثانيا ، ففي جوازه القولان ، فيمن أحرم منفردا ثم اقتدى في أثنائهما . واختلف أصحابنا في المقتدي بمن يصلي العيد أو الاستسقاء ، هل هو كمن يصلي الصبح ؟ أم كمن يصلي الجنازة والكسوف ؟ قلت : الصحيح : أنه كالصبح ، وبه قطع صاحب ( التتمة ) . وإذا كبر الإمام التكبيرات الزائدة ، لا يتابعه المأموم ، فإن تابعه لم يضره ، لأن الأذكار لا تضر .

                                                                                                                                                                        [ ص: 369 ] ولو صلى العيد خلف الصبح المقضية جاز ، ويكبر التكبيرات الزائدة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية