الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وأشهره شوال وذو القعدة ) بفتح القاف وتكسر ( وعشر ذي الحجة ) بكسر الحاء وتفتح وعند الشافعي ليس منها يوم النحر وعند مالك ذو الحجة كله عملا بالآية .

قلنا اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد ، وفائدة التأقيت أنه لو فعل شيئا من أفعال الحج خارجها لا يجزيه [ ص: 472 ] ( و ) أنه ( يكره الإحرام ) له ( قبلها ) وإن أمن على نفسه من المحظور لشبهه بالركن كما مر وإطلاقها يفيد التحريم

التالي السابق


( قوله بفتح القاف وتكسر ) أي مع سكون العين وحكي الفتح مع كسر العين ( قوله وتفتح ) عزاه الشيخ إسماعيل إلى تحرير الإمام النووي ، وقال خلافا لما في شرح الشمني من أنه لم يسمع إلا بالكسر ( قوله وعند الشافعي ليس منها يوم النحر ) هو رواية عن أبي يوسف أيضا كما في النهر وغيره وظاهر المتن يوافقه لأنه ذكر العدد فكان المراد عشر ليال لكن إذا حذف التمييز جاز التذكير فيكون المعنى عشرة أيام أفاده ح عن القهستاني وقيل إن العشر اسم لهذه الأيام العشرة فليس المراد به اسم العدد ، حتى يعتبر فيه التذكير مع المؤنث والعكس تأمل ( قوله ذو الحجة كله ) مبتدأ محذوف الخبر تقديره منها ح ( قوله عملا بالآية ) أي قوله تعالى - { الحج أشهر معلومات } - ( قوله قلنا اسم الجمع إلخ ) الإضافة بيانية أي اسم هو جمع وإلا فأشهر صيغة جمع حقيقة ، وهذا أحد جوابين للزمخشري .

حاصله : أنه يجوز في إطلاق صيغة الجمع على ما فوق الواحد لعلاقة معنى الاجتماع والتعدد وثانيهما أن التجوز في جعل بعض الشهر شهرا فالأشهر على الحقيقة واعترض الأول بأن فيه إخراج العشر عن الإرادة لخروجه عن الشهرين ، وأجيب بأنه داخل فيما فوق الواحد ، وهذا كله على تقدير الحج ذو أشهر ، أما على تقدير الحج في أشهر ، فلا حاجة إلى التجوز لأن الظرفية لا تقتضي الاستيعاب لكن بين المراد الحديث الوارد في تفسير الآية بأنها شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة ( قوله وفائدة التأقيت إلخ ) جواب عن إشكال تقريره أن التوقيت بها إن اعتبر للفوات أي إن أفعال الحج لو أخرت عن هذا الوقت يفوت الحج لفوته بتأخير الوقوف عن طلوع فجر العاشر يلزم أن لا يصح طواف الركن بعده وإن خصص الفوات بفوت معظم أركانه ، وهو الوقوف ، يلزم أن لا يكون العاشر منها كما هو رواية عن أبي يوسف وإن اعتبر التوقيت المذكور لأداء الأركان في الجملة يلزم أن يكون ثاني النحر وثالثه منها : لجواز الطواف فيهما ، وأجاب الشارح تبعا للبحر وغيره بما يفيد اختيار الأخير وذلك بأن فائدته أن شيئا من أفعال الحج لا يجوز إلا فيها حتى لو صام المتمتع أو القارن ثلاثة أيام قبل أشهر الحج لا يجوز .

وكذا السعي عقب طواف القدوم لا يقع عن سعي الحج إلا فيها ، حتى لو فعله في رمضان لم يجز ، ولو اشتبه عليهم يوم عرفة فوقفوا فإذا هو يوم النحر جاز لوقوعه في زمانه ، ولو ظهر أن الحادي عشر لم يجز كما في اللباب وغيره قال القهستاني : ولا ينافيه إجزاء الإحرام قبلها ولا إجزاء الرمي والحلق وطواف الزيارة وغيرها بعدها لأن ذلك محرم فيه . ا هـ .

[ ص: 472 ] قلت : فيه نظر لأن طواف الزيارة يجوز في يومين بعد عشر ذي الحجة كما علمته وإن كان في أوله أفضل فالمناسب الجواب عن الإشكال بأن فائدة التوقيت ابتداء عدم جواز الأفعال قبله وانتهاء الفوات بفوت معظم أركانه وهو الوقوف ، ولا يلزم خروج اليوم العاشر لما علمته من جوازه فيه عند الاشتباه بخلاف الحادي عشر هذا ما ظهر لي فافهم ( قوله وأنه يكره الإحرام إلخ ) عطف على قوله أنه لو فعل وهو ظاهر في أنه أراد بأفعال الحج غير الإحرام ، فلا ينافي إجزاء الإحرام مع الكراهة فقوله لا يجزيه واقع في محزه فافهم نعم في كون الكراهة فائدة التوقيت خفاء ولعل وجهه كون الإحرام شبيها بالركن تأمل ( قوله قبلها ) أفاد أنه لو أحرم فيها بحج ولو لعام قابل لا يكره ، ولذا قال في الذخيرة لا يكره الإحرام بالحج يوم النحر ، ويكره قبل أشهر الحج قال في النهر وينبغي أن يكون مكروها حيث لم يأمن على نفسه وإن كان في أشهر الحج ( قوله لشبهه بالركن ) علة لقوله يكره أي ولو كان ركنا حقيقة لم يصح قبلها فإذا كان شبيها به كره قبلها لشبهه وقربه من عدم الصحة بحر ( قوله كما مر ) أي عند قوله فرضه الإحرام ( قوله وإطلاقها ) أي الكراهة يفيد التحريم ، وبه قيدها القهستاني ونقل عن التحفة الإجماع على الكراهة ، وبه صرح في البحر من غير تفصيل بين خوف الوقوع في محظور أو لا قال : ومن فصل كصاحب الظهيرية قياسا على الميقات المكاني ، فقد أخطأ لكن نقل القهستاني أيضا عن المحيط التفصيل ثم قال وفي النظم عنه أنه يكره إلا عند أبي يوسف




الخدمات العلمية