الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن الإنصات ) أي السكوت مع الإصغاء لما لا يجب سماعه بخلاف ما لو كان من الحاضرين أربعون تلزمهم فقط فيحرم على بعضهم كلام فوته سماع ركن كما علم من وجوب الاستماع لتسببه إلى إبطال الجمعة ويسن ذلك ، وإن لم يسمع الخطبة خروجا من الخلاف . نعم الأولى لغير السامع أن يشتغل بالتلاوة والذكر سرا لئلا يشوش على غيره ولا يكره الكلام لمن أبيح له قطعا ممن ذكر وغيره ككونه قبل الخطبة أو بعدها أو بينهما ، ولو لغير حاجة على الأوجه وتقييده بالحاجة فيه نظر ؛ لأنه عندها لا كراهة ، وإن لم يبح له قطعا كما هو ظاهر ويكره للداخل أن يسلم أي ، وإن لم يأخذ لنفسه مكانا لاشتغال المسلم عليهم

                                                                                                                              فإن سلم لزمهم الرد ؛ لأن الكراهة لأمر خارج ويسن تشميت العاطس والرد عليه ؛ لأن سببه قهري ورفع الصوت من غير مبالغة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكر الخطيب له [ ص: 455 ] وصلاة ركعتين بنية التحية وهو الأولى أو راتبة الجمعة القبلية إن لم يكن صلاها وحينئذ الأولى نية التحية معها ، فإن أراد الاقتصار فالأولى فيما يظهر نية التحية لأنها تفوت بفواتها بالكلية إذا لم تنو بخلاف الراتبة القبلية للداخل ، فإن نوى أكثر منهما أو صلاة أخرى بقدرهما لم تنعقد ، فإن قلت يلزم على ما تقرر أن نية ركعتين فقط جائزة بخلاف نية ركعتين سنة الصبح مثلا مع استوائهما في حصول التحية بهما بالمعنى السابق في بابها قلت يفرق بأن نية ركعتين فقط ليس فيه صرف عن التحية بالنية بخلاف نية سبب آخر فأبيح الأول دون الثاني [ ص: 456 ] ويلزمه أن يقتصر فيهما على أقل مجزئ على الأوجه وأن يخفف صلاة طرأ جلوس الإمام على المنبر قبل الخطبة في أثنائها بأن يقتصر على ذلك بناء على ما قبله

                                                                                                                              ويؤخذ من عدم اغتفارهم في الدوام هنا ما اغتفر في الابتداء أنه لو طولها هنا أو في التي قبلها زيادة على أقل المجزئ بطلت وهو محتمل ؛ لأن الحرمة هنا عند القائلين بها ذاتية ويحرم إجماعا على ما حكاه الماوردي على جالس أي من لم تسن له التحية كما هو ظاهر ، وإن لم يسمع ، ولو لم تلزمه الجمعة ، وإن كان بغير محلها ، وقد نواها معهم بمحله ، وإن حال مانع الاقتداء الآن فيما يظهر في الكل بعد جلوس الإمام على المنبر صلاة فرض ، ولو فائتة تذكرها الآن ، وإن لزمته فورا أو نفل [ ص: 457 ] ولو في حال الدعاء للسلطان ولا تنعقد لا طواف وسجدة تلاوة أو شكر فيما يظهر فيهما أخذا من تعليلهم حرمة الصلاة بأن فيها إعراضا عن الخطيب بالكلية .

                                                                                                                              ( فرع ) كتابة الحفائظ آخر جمعة من رمضان بدعة منكرة كما قاله القمولي لما فيها من تفويت سماع الخطبة والوقت الشريف فيما لم يحفظ عمن يقتدى به ومن اللفظ المجهول وهو كعسلهون أي وقد جزم أئمتنا وغيره بحرمة كتابة وقراءة الكلمات الأعجمية التي لا يعرف معناها وقول بعضهم أنها حية محيطة بالعرش رأسها على ذنبها لا يعول عليه ؛ لأن مثل ذلك لا مدخل للرأي فيه فلا يقبل منه إلا ما ثبت عن معصوم على أنها بهذا المعنى لا تلائم ما قبلها في الحفيظة وهو لا آلاء إلا آلاؤك يا الله كعسلهون بل هذا اللفظ في غاية الإيهام ومن ثم قيل : إنها اسم صنم أدخلها ملحد على جهلة العوام وكان بعضهم أراد دفع ذلك الإيهام فزاد بعد الجلالة محيط به علمك كعسهلون أي كإحاطة تلك الحية بالعرش و هو غفلة عما تقرر أن هذا لا يقبل فيه إلا ما صح عن معصوم وأقبح من ذلك ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمس في هذه الجمعة عقب صلاتها زاعمين أنها تكفر صلوات العام أو العمر المتروكة وذلك حرام أو كفر لوجوه لا تخفى ( قلت الأصح أن ترتيب الأركان ليس بشرط والله أعلم ) لأن تركه لا يخل بالمقصود الذي هو الوعظ لكنه يندب خروجا من الخلاف ( والأظهر اشتراط الموالاة ) بين أركانهما وبينهما وبين الصلاة بأن لا يفصل طويلا عرفا بما لا تعلق له بما هو فيه فيما يظهر من نظائره ، ثم رأيت بعضهم فصل فيما إذا أطال القراءة بين أن يكون فيها وعظ فلا يقطع وأن لا فيقطع وبعضهم أطلق القطع وهو غفلة عن كونه صلى الله عليه وسلم { كان يقرأ ق في خطبته } ومر اختلال الموالاة بين المجموعتين بفعل ركعتين بأقل مجزئ فلا يبعد الضبط بهذا هنا ويكون بيانا للعرف ، ثم رأيتهم عبروا بأن الخطبة والصلاة مشبهتان بصلاتي الجمع وهو صريح فيما ذكرته ومر في مسائل الانفضاض ما يؤيد ذلك [ ص: 458 ] لعموم هذا لما قررته لم يكتف عنه بما مر في مسألة الانفضاض فاندفع قول جمع هذا مكرر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وتقييده ) أي كما في شرح الروض ( قوله : أن يسلم ) أي على المستمع ( قوله : للداخل ) يستثنى الخطيب على ما يأتي في التبكير ( قوله : ورفع الصوت من غير مبالغة إلخ ) أي يسن كما هو صريح صنيعه لكن لما قال في الروض وللمستمع أن يرفع [ ص: 455 ] صوته إلخ قال في شرحه وقضية كلام المصنف كالروضة أن ما قاله مباح مستوي الطرفين لأنه ، وإن كان مطلوبا فالاستماع كذلك ولك أن تقول : لا نسلم أنه مطلوب هنا لمنعه من الاستماع فالأولى تركه بل صرح القاضي أبو الطيب بكراهته ؛ لأنه يقطع الاستماع ا هـ وعبارة العباب ولا أي ولا يكره رفع الصوت بلا مبالغة إلخ ( قوله : بنية التحية ) قضية هذا تصوير المسألة بإقامة الجمعة في مسجد وأنها لو أقيمت في غيره فلا صلاة م ر مطلقا وقد يقتضيه أيضا قوله : الآتي أي من لم تسن له التحية ( قوله : لم تنعقد ) هذا يدل على أن الكلام في حال الخطبة ( قوله : بخلاف نية ركعتين سنة الصبح إلخ ) يراجع ( قوله : قلت يفرق بأن نية ركعتين إلخ ) أقول قد ينظر في هذا الفرق من وجهين الأول أن قضيته بعد تسليمه امتناع الركعتين بنية راتبة الجمعة القبلية وذلك يناقض ما أفاده قوله السابق بنية التحية إلخ الصريح في جواز الاقتصار على نية الراتبة القبلية ، ألا ترى قوله : وحينئذ إلخ ، فإن أجاب بأن نية راتبتها ليس فيه صرف عن التحية بخلاف نية سبب غيرها فهو تحكم بحت ، والثاني منع أن مجرد نية سبب آخر فيه صرف عن التحية وإنما يحصل الصرف إن نفى التحية في نيته على أن الحكم بالصرف ينافي ما أفاده قوله : مع استوائها إلخ فليتأمل والذي يتجه أنه يصلي ركعتين ، ولو قضاء سنة الصبح أو نفس الصبح سواء نوى معهما التحية أو لا بخلاف ما لو صرفهما عنها .

                                                                                                                              ( فرع ) ينبغي فيما لو ابتدأ فريضة قبل جلوس الإمام فجلس في أثنائها أنه إن كان الباقي ركعتين جاز له فعلهما ولزمه تخفيفهما وينبغي مراجعة ما تقدم فيما لو دخل وقت الكراهة وهو في نافلة مطلقة لكن ما هنا أضيق منه أو أكثر امتنع فعله وعليه [ ص: 456 ] قطعها أو قلبها نفلا والاقتصار على ركعتين مع لزوم تخفيفهما ، ولو أراد بعد جلوس بعض الجالسين فريضة ثنائية فخرج من المسجد ، ثم دخله بقصد التوصل لفعل تلك الفريضة فينبغي امتناع ذلك ، كما لو دخل المسجد وقت الكراهة بقصد التحية فقط ، بل قياس مسألة التحية أنه لو دخل ابتداء بعد جلوس الإمام بقصد التحية أو ثنائية لم تنعقد فليراجع ، ثم رأيت قول الشارح وأن يخفف إلخ فتأمله مع ما ذكرناه ( قوله : على الأوجه ) في نسخة على ما قاله جمع وبينت ما فيه في شرح العباب ( قوله : وأن يخفف صلاة طرأ جلوس الإمام إلخ ) ظاهره قد يوجه الصحة مع الاقتصار على الأقل ، وإن تعمد ابتداءها بعد علمه أن ما بقي إلى جلوس الإمام لا يسعها وفيه نظر ( قوله : بأن يقتصر إلخ ) ويحتمل أن المعتبر العرف ( قوله : ويحرم إجماعا إلخ ) ، وإن أمن فوات سماع أول الخطبة خلافا لما في الغرر البهية وقد يؤخذ من ذلك أن الطواف ليس كالصلاة ويمنع من سجدة التلاوة والشكر كما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي وشمله كلامهم ، وإن كان كل منهما ليس صلاة وإنما هو ملحق بها [ ص: 457 ] شرح م ر ( قوله : ولو في حال الدعاء للسلطان ) قد يخالفه ما تقدم عن المرشد إذ يدل على أن الدعاء للسلطان ليس له حكم الخطبة إلا أن يفرق .

                                                                                                                              ( قوله : وسجدة تلاوة أو شكر فيما يظهر ) أفتى شيخنا الشهاب الرملي بامتناع سجدتي التلاوة والشكر ( قوله : أي وقد جزم أئمتنا وغيرهم بحرمة كتابة وقراءة الكلمات إلخ ) في آخر فتاوى المصنف رحمه الله ما نصه مسألة هذه الطلسمات التي تكتب للمنافع مجهولة المعنى هل تحل كتابتها الجواب تكره ولا تحرم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بين أركانهما وبينهما ) أي فلا يطيل الفصل بينهما ( قوله : وبينهما وبين الصلاة ) أي فلا يطيل الفصل بين الثانية منهما وبين الصلاة ( قوله : فلا يبعد الضبط بهذا هنا ) شامل لما بين الأركان وفي العباب ما نصه فرع لو أحدث الإمام في الخطبة أو بينها وبين الصلاة فاستخلف من سمع واجبها لا غيره جاز . ا هـ .

                                                                                                                              وقوله لو أحدث الإمام قال في شرحه بإغماء أو غيره ، ثم بين عن المجموع تبعا للعمراني [ ص: 458 ] والرافعي أن مراد الأصحاب بالسماع الحضور ، وإن لم يسمع ، ثم قال ما ذكره في الحدث في الخطبة بإغماء أو غيره هو ما جرى عليه الشيخان هنا في الحدث بغير إغماء واقتضاه في الحدث بالإغماء ما نقلاه عن صاحب التهذيب لكن اختار في الروضة في الإغماء منع الاستخلاف ، وصححه في المجموع فيه وفي الحدث لاختلال الوعظ بذلك وقياسا على منع البناء على أذان غيره والأوجه الأول إلحاقا للخطبة بالصلاة وفارقت الأذان بأنها للحاضرين فلا لبس وهو للغائبين فيحصل اللبس باختلاف الأصوات وفرق بين الحدث بالإغماء ومثله الجنون بالأولى والحدث بغيره بعيد بزوال الأهلية بكل منهما ولا نظر لبقاء التكليف بعد غير الإغماء وزواله به إذ لا يرتبط بذلك هنا معنى مناسب فالوجه التسوية بينهما ، أما في المنع على ما مر عن المجموع أو في الجواز على ما مر في العزيز وهو الأوجه كما تقرر ا هـ ثم قال في العباب تبعا للروض من زيادته ويكره إن اتسع الوقت فيتطهر ويستأنف قال في شرحه ، فإن ضاق الوقت عن الطهارة والاستئناف استخلف . ا هـ .

                                                                                                                              وعبارة شرح الروض وكره أي الاستخلاف بعد الخطبة أو فيها إن اتسع الوقت فيتطهر ويستأنف أو يبني بشرطه . ا هـ . وقوله : أو يبني في غير الحدث في الخطبة لقوله مع الروض بعد ذلك فلو أحدث في الخطبة استأنفها ، ولو سبقه الحدث وقصر الفصل ا هـ ، ثم قال فيما لو أحدث بين الخطبة والصلاة وتطهر عن قرب أن الأوجه أنه لا يضر ( قوله : ولعموم هذا لما قررته لم يكتف عنه بما مر إلخ ) فيه نظر واضح لأن الذي قرره هنا اعتبار الموالاة في ثلاثة مواضع [ ص: 459 ] بين الأركان وبين الخطبتين وبين الخطبتين والصلاة واعتبار الموالاة بين هذه الثلاثة مستفاد من مسألة الانفضاض أما الأولان فمن قوله ، ثم ، ولو انفض الأربعون أو بعضهم في الخطبة فإنه شامل للانفضاض في أثناء أحدهما وبينهما ، ثم قال ويجوز البناء على ما مضى إن عادوا قبل طول الفصل وأما الثالث فمن قوله ، ثم وكذا بناء الصلاة على الخطبة إلخ ، ثم قال فإذا عادوا قبل طوله أي في المسألتين وجب الاستئناف في الأظهر فالاكتفاء بما مر عما هنا ظاهر . نعم قد يجاب بأن ما مر لا يفيد الموالاة في غير الانفضاض وجاز أن يعتبر في الانفضاض دون غيره بخلاف هذا فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي السكوت مع الإصغاء ) أي إلقاء السمع إلى الخطيب فإذا انفك السكوت عن الإصغاء فلا يسمى إنصاتا شيخنا و ع ش ( قوله : لما لا يجب إلخ ) أي لغير الأركان ( قوله : لتسببه إلخ ) متعلق بقوله فيحرم ( قوله : ويسن ) إلى قوله ، ولو لغير حاجة في النهاية ( قوله : ويسن ذلك ) أي الإنصات ( قوله : لغير السامع ) أي لنحو بعد ( قوله : أن يشتغل بالتلاوة إلخ ) بل ينبغي أن الأفضل له اشتغاله بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقدما لها على التلاوة لغير سورة الكهف وعلى الذكر ؛ لأنها شعار اليوم ع ش ( قوله : قطعا ) راجع لقوله أبيح ( قوله : ممن ذكر ) أي في قوله السابق ولا يحرم قطعا الكلام على خطيب إلخ ( قوله : ككونه قبل الخطبة ) أي ، ولو بعد الجلوس على المنبر نهاية ( قوله : وتقييده ) أي كما في شرح الروض سم ( قوله : ويكره ) إلى قوله ورفع الصوت في النهاية والمغني ( قوله : ويكره للداخل ) أي غير الخطيب على ما يأتي في التبكير سم ( قوله : أن يسلم ) أي على المستمع سم ونهاية ومغني ( قوله : فإن سلم لزمهم الرد ) هذا والسلام على الملبي مستثنى من قولهم حيث لا يشرع السلام لا يجب الرد شوبري ا هـ بجيرمي ( قوله : ويسن إلخ ) أي للمستمع ومثله الخطيب بالأولى لأنه لا يحرم عليه الكلام قطعا ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : تشميت العاطس ) أي إذا حمد مغني ( قوله : لأن سببه إلخ ) أي وإنما لم يكره التشميت لأن إلخ نهاية ومغني ( قوله : ورفع الصوت إلخ ) أي يسن كما هو صريح صنيعه لكن لما قال في الروض وللمستمع أن يرفع صوته إلخ قال في شرحه وقضية كلام المصنف كالروضة أن ما قاله مباح مستوي الطرفين لكن الأولى تركه بل صرح القاضي أبو الطيب بكراهته ؛ لأنه يقطع الاستماع سم وفي النهاية ما يوافقه حيث ذكر أولا قضية كلام الروضة ، ثم كلام القاضي ، ثم قال ولعل مراد القاضي بالكراهة خلاف الأولى . ا هـ . وقال شيخنا المعتمد ما اقتضاه كلام الروضة وأصلها من الإباحة . ا هـ . ( قوله : من غير مبالغة ) قال الأذرعي والرفع البليغ كما يفعله بعض العوام بدعة منكرة نهاية ( قوله : عند ذكر الخطيب له ) عبارة النهاية وغيره إذا سمع ذكره صلى الله عليه وسلم . ا هـ . قال ع ش ظاهره أنه لا فرق بين سماعه من الخطيب ومن غيره

                                                                                                                              ( فائدة )

                                                                                                                              لو كلم شافعي مالكيا وقت الخطبة فهل يحرم كما لو لعب الشافعي مع الحنفي الشطرنج لإعانته له على المعصية أو الأقرب عدم المعصية ويفرق بينهما بأن لعب الشطرنج لما لم يتأت إلا منهما كان الشافعي كالملجئ له بخلافه في مسألتنا فإنه حيث أجابه المالكي وتكلم معه كان باختياره لتمكنه [ ص: 455 ] من أن لا يجيبه ويؤخذ منه أنه لو كان إذا لم يجبه يحصل له منه ضرر لكون الشافعي المكلم أميرا أو ذا سطوة يحرم عليه لكن لا من جهة الكلام بل من جهة الإكراه على المعصية فليتأمل . ا هـ . ( قوله : بنية التحية ) قضية هذا تصوير المسألة بإقامة الجمعة في مسجد وأنها لو أقيمت في غيره فلا صلاة مطلقا م ر وقد يقتضيه أيضا قوله : الآتي أي ما لم تسن له التحية سم ويأتي عن النهاية والمغني ما يوافقه ( قوله : وهو الأولى ) أي صلاتهما بنية التحية أولى من صلاتهما غير ناو بهما تحية ولا غيرها فعلم أن ذلك جائز وسيأتي بصري ( قوله : أو راتبة الجمعة إلخ ) ويأتي قريبا عن سم أن مثل سنة الجمعة الفائتة إذا كانت ركعتين كالصبح ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : معها ) أي مع الراتبة ( قوله : فإن أراد الاقتصار ) أي على واحدة من التحية والراتبة ( قوله : لأنها تفوت ) أي التحية بفواتها أي النية ( قوله : بالكلية إلخ ) خلافا للنهاية والمغني ( قوله : إذا لم تنو ) يغني عنه قوله : بفواتها ولعله مقدم عن مؤخر والأصل بخلاف الراتبة القبلية إذا لم تنو ( قوله : بخلاف الراتبة إلخ ) أي فيمكن تداركها بعد الجمعة ( قوله : للداخل إلخ ) متعلق بقوله ويسن صلاة ركعتين إلخ عبارة النهاية والمغني وكره تحريما بالإجماع تنفل أحد من الحاضرين بعد صعود الخطيب على المنبر وجلوسه عليه ، وإن لم يسمع الخطبة بالكلية لإعراضه عنه بالكلية ويستثنى التحية لداخل المسجد والخطيب على المنبر فيسن له فعلها ويخففها وجوبا هذا إن صلى سنة الجمعة وإلا صلاها مخففة وحصلت التحية ولا يزيد على ركعتين بكل حال ، فإن لم تحصل تحية كأن كان في غير مسجد لم يصل شيئا أما الداخل في آخر الخطبة ، فإن غلب على ظنه أنه إن صلاها فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية أي ندبا بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يجلس في المسجد قبل التحية ، ولو صلاها في هذه الحالة استحب للإمام أن يزيد في كلام الخطبة بقدر ما يكملها . ا هـ . بحذف قال ع ش قوله : م ر فيسن له فعلها أي سواء في ذلك سنة الجمعة وغيرها كفائتة حيث لم تزد على ركعتين م ر سم على المنهج وقوله ولا يزيد على ركعتين إلخ أي حيث علم بالزيادة أما لو شك هل صلى ركعتين أو واحدة سن له ركعة ؛ لأن الأصل عدم الفعل . ا هـ . ع ش ( قوله : أو صلاة أخرى إلخ ) أي بأن نوى بهما سببا غير التحية والراتبة أخذا مما يأتي وتقدم آنفا عن ع ش ما يخالفه ( قوله : لم تنعقد ) هذا يدل على أن الكلام في حال الخطبة سم .

                                                                                                                              ( قوله : على ما تقرر ) وهو قوله : وهو الأولى مع قوله أو صلاة أخرى إلخ ( قوله : فقط ) أي بلا نية سبب أصلا ( قوله : بخلاف نية ركعتين إلخ ) تقدم ويأتي عن سم اعتماد خلافه ( قوله : بالمعنى السابق ) وهو سقوط الطلب ( قوله : قلت يفرق إلخ ) وفي سم بعد أن أطال في رده ما نصه والذي يتجه أنه يصلي ركعتين [ ص: 456 ] ولو قضاء سنة الصبح أو نفس الصبح سواء نوى معهما التحية أو لا بخلاف ما لو صرفهما عنها . ا هـ . ع ش ( قوله : ويلزم أن يقتصر على أقل مجزئ ) وفاقا للمغني وخلافا للنهاية وتبعه شيخنا عبارتهما والمراد بالتخفيف فيما ذكر الاقتصار على الواجبات قاله الزركشي والأوجه أن المراد به ترك التطويل عرفا . ا هـ . أي فله أن يأتي بسورة قصيرة بعد الفاتحة ع ش ( قوله : على ما قاله جمع إلخ ) وفي نسخة على الأوجه

                                                                                                                              ( فرع ) ينبغي فيما لو ابتدأ فريضة قبل جلوس الإمام فجلس في أثنائها أنه إن كان الباقي ركعتين جاز له فعلهما ولزمه تخفيفهما أو أكثر امتنع فعله وعليه قطعها أو قلبها نفلا والاقتصار على ركعتين مع لزوم تخفيفهما سم على حج أقول والظاهر الاستمرار سيما إذا أحرم على ظن سعة الوقت لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ع ش ( قوله : وأن يخفف صلاة طرأ إلخ ) ظاهره قد يوجه الصحة مع الاقتصار على الأقل ، وإن تعمد ابتداءها بعد علمه أن ما بقي إلى جلوس الإمام لا يسعها وفيه نظر سم على حج أقول والأقرب الصحة لأنه حال شروعه لم يكن متهيأ لشيء يسمعه فيعد معرضا عنه باشتغاله بالصلاة ع ش ( قوله : قبل الخطبة ) متعلق بجلوس الإمام و ( قوله : في أثنائها ) متعلق بطرأ والضمير للصلاة ( قوله : على ذلك ) أي على أقل مجزئ وفاقا للمغني وخلافا للنهاية كما مر آنفا

                                                                                                                              ( قوله : على ما قبله ) أي على ما قاله جمع في ركعتين لداخل المسجد والخطيب على المنبر ( قوله : أو في التي قبلها ) أي في الركعتين للداخل ( قوله : زيادة إلخ ) أي على ما قاله جمع واعتمده المغني أو طولا عرفا على ما اختاره النهاية ( قوله : بطلت ) وفاقا للنهاية والمغني وشيخنا ( قوله : محتمل ) بفتح الميم أي معتمد ( قوله : وتحرم ) إلى قوله وسجدة في النهاية إلا قوله : أي ما لم تسن إلى بعد جلوس وكذا في المغني إلا قوله : لا طواف ( قوله : وتحرم إلخ ) ويستمر ذلك إلى فراغ الخطبة وتوابعها كما في سم عن م ر وفي كلام حج هنا ما يصرح به فما نقله سم عنه فيما تقدم في التوابع لعله في غير التحفة ع ش وفي البصري ما يوافقه ( قوله : على جالس ) متعلق بتحرم ( قوله : أي ما لم تسن له التحية إلخ ) احترز عمن جلس جاهلا أو ناسيا لطلب التحية ، ثم علم أو تذكر قبل طول الفصل ( قوله : بغير محلها ) أي محل الجمعة ( قوله : وقد نواها معهم إلخ ) أي وقد قصد أن يقيم الجمعة معهم وهو في بلده بأن قرب بلده من بلد الإمام كما مر في الشرط الرابع كردي وعبارة ع ش بعد سرد قول الشارح وتحرم إلخ وقضية قوله ونواها معهم بمحله أنه لو بعد عن المسجد وتطهر لا يحرم عليه فعلها في موضع طهارته حيث قصد فعلها في غير محل الطهارة فتنبه له فإنه دقيق . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بعد جلوس الإمام ) ظرف ليحرم أي أما بعد الصعود وقبل الجلوس فلا يحرم ع ش أي خلافا لما مر عن سم ( قوله : صلاة فرض إلخ ) والفرق بين الكلام حيث لا بأس به ، وإن صعد المنبر ما لم يبتدئ الخطبة والصلاة حيث تحرم حينئذ إن قطع الكلام متى ابتدأ الخطيب الخطبة هين بخلاف الصلاة فإنه قد يفوته بها سماع أول الخطبة مغني ونهاية وشيخنا ( قوله : ولو فاتته إلخ ) أي فلا يفعلها ، وإن خرج من المسجد وعاد إليه بسبب فعلها فيما يظهر أخذا مما قالوه فيما لو دخل المسجد في الأوقات المكروهة بقصد التحية ع ش عبارة سم ، ولو أراد بعد جلوس الإمام بعض الجالسين فريضة ثنائية فخرج عن المسجد ، ثم دخله بقصد التوصل لفعل تلك الفريضة فينبغي امتناع ذلك كما لو دخل المسجد وقت الكراهة بقصد التحية بل قياس مسألة التحية أنه [ ص: 457 ] لو دخل ابتداء بعد جلوس الإمام بقصد التحية أو الثنائية لم تنعقد فليراجع . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لا طواف وسجدة تلاوة إلخ ) وفاقا للنهاية في الأولى دون الثانية عبارته ويؤخذ من ذلك أن الطواف ليس كالصلاة هنا ويمنع من سجدة التلاوة والشكر كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وشمله كلامهم ، وإن كان كل منهما ليس صلاة وإنما هو ملحق بها . ا هـ . واعتمده شيخنا ( قوله : فيهما ) أي في الطواف والسجدة وأفتى شيخنا الشهاب الرملي بامتناع سجدتي التلاوة والشكر سم ( قوله : أخذا إلخ ) أي ولم يحرم الطواف والسجدة أخذا إلخ ( قوله : فرع ) إلى قوله أي وقد جزم في المغني والنهاية ( قوله : كتابة الحفائظ ) جمع حفيظة وهي الرقية كردي عبارة النهاية والمغني كتب كثير من الناس أوراقا يسمونها حفائظ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : آخر جمعة إلخ ) أي حال الخطبة نهاية ومغني ( قوله : كما قاله القمولي ) كابن النحاس وغيره نهاية ( قوله : ومن اللفظ المجهول ) عطف على قوله من تفويت إلخ عبارة المغني والنهاية وكتابة ما لا يعرف معناه وقد يكون دالا على ما ليس بصحيح . ا هـ . ( قوله : وقد جزم إلخ ) في آخر فتاوى المصنف ما نصه مسألة ، هذه الطلسمات التي تكتب للمنافع مجهولة المعنى هل تحل كتابتها الجواب تكره ولا تحرم انتهى ا هـ سم ( قوله : التي لا تعرف إلخ ) تفسير للأعجمية كردي ( قوله : أنها ) أي عسلهون ( قوله : لأن مثل ذلك ) أي التفسير المذكور ( قوله : وذلك ) أي الزعم المذكور ( قوله : لوجوه إلخ ) منها إسقاط القضاء وهو مخالف للمذاهب كلها كردي ( قوله : لأن تركه ) إلى قوله بما لا تعلق في النهاية والمغني ( قوله : بين أركانهما إلخ ) عبارة النهاية والمغني بين أركانها وبين الخطبتين وبينهما وبين الصلاة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بين أركانهما ) أي فلا يطيل الفصل بين ركنين من أركان الخطبتين ولا بين الركن الأخير من الأولى وبين الجلوس بينهما ( قوله : وبينهما ) أي فلا يطيل الفصل بين الخطبتين و ( قوله : وبينهما وبين الصلاة ) أي فلا يطيل الفصل بين الثانية منهما وبين الصلاة سم ( قوله : طويلا عرفا ) أي بأن يكون مقدار ركعتين بأقل مجزئ وما دونه لا يخل بالموالاة كردي على بافضل ( قوله : بما لا تعلق له إلخ ) هل هو مخرج لنحو الدعاء للولاة ؛ لأن له تعلقا ما بما فيه في الجملة أو لا بناء على ما نقله فيما تقدم عن القاضي والأذرعي وأقرهما محل تأمل ولعل الثاني أقرب والمراد بما له تعلق إلخ ما له تعلق بأركانهما كالبسط والإطالة في أحدها بصري ( قوله : وهو إلخ ) أي إطلاق القطع وظاهر صنيعه اختيار الأول أي التفصيل واعتمده شيخنا أيضا فقال ولا يقطع الموالاة الوعظ ، وإن طال وكذا قراءة ، وإن طالت حيث تضمنت وعظا خلافا لمن أطلق القطع بها فإنه غفلة إلخ ا هـ لكن مفهوم قول الشارح السابق بما لا تعلق له إلخ وصريح ما مر هناك عن السيد البصري أن لا تضر إطالة القراءة مطلقا ، وإن لم تتضمن وعظا ( قوله : بأقل مجزئ ) أي بأخف ممكن على العادة ع ش ( قوله : فلا يبعد إلخ ) اعتمده النهاية والمغني ( قوله : الضبط بهذا إلخ ) أي ضبط [ ص: 458 ] الموالاة بأن لا يكون الفصل قدر ركعتين بأخف ممكن ع ش ويحتمل أن المراد ضبط مخلها بأن يكون إلخ ( قوله : لعموم هذا ) أي قول المصنف والأظهر إلخ بصري ( قوله : لما قررته ) بيان للعموم لا صلة له كما هو الظاهر والمراد بما قرره قوله : بين أركانهما وبينهما ، وبينهما وبين الصلاة هذا ما يظهر في حل كلامه وهو بعد محل نظر لأنه سبق بيان الانفضاض فيها وهو ما يليه صادق بالانفضاض بين كل من أركانها مع ما يليه فيعلم منه اشتراط الموالاة بين أركان الخطبتين وبينهما وسبق بيانه بينهما وبين الصلاة فيعلم منه اشتراط الموالاة بينهما وبينها فليتأمل بصري زاد سم عقب مثله .

                                                                                                                              نعم قد يجاب بأن ما مر لا يفيد الموالاة في غير الانفضاض وجاز أن تعتبر في الانفضاض دون غيره بخلاف هذا ا هـ عبارة النهاية وذكر هذا هنا بعدما تقدم لعمومه دفعا لما قد يتوهم من أن ذاك خاص بحال الانفضاض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : قول جمع إلخ ) وفاقا للمغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية