الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ونضع الموازين الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أحمد ، والترمذي ، وابن جرير في " تهذيبه " ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في " شعب الإيمان " عن عائشة أن رجلا قال : يا رسول الله، إن لي مملوكين يخونونني ويكذبونني ويعصونني، وأضربهم وأشتمهم، فكيف أنا منهم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم؛ فإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك، وإن كان عقابك إياهم، بقدر ذنوبهم كان كفافا، لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل . فجعل الرجل يبكي ويهتف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما تقرأ كتاب الله : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ؟ [ ص: 298 ] فقال الرجل : يا رسول الله ما أجد لي ولهم شيئا خيرا من مفارقتهم ، أشهدك أنهم أحرار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " ، وابن أبي حاتم عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : قال رجل : يا رسول الله، كيف ترى في رقيقنا نضربهم؟ فقال : توزن ذنوبهم وعقوبتكم إياهم، فإن كانت عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا منكم . قال : أفرأيت سبنا إياهم؟ قال : توزن ذنوبهم وأذاكم إياهم، فإن كان أذاكم إياهم أكثر أعطوا منكم . قال : أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم قال : إنك لا تتهم في ولدك، ولا تطيب نفسك تشبع ويجوعوا وتكتسي ويعروا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم عن زيد بن أسلم قال : قال رجل : يا رسول الله ما تقول في ضرب المماليك؟ قال : إن كان ذلك في كنهه وإلا أقيد منكم يوم القيامة ، قيل : يا رسول الله، ما تقول في سبهم؟ قال : مثل ذلك . قال : يا رسول الله، فإنا نعاقب أولادنا ونسبهم؟ قال : إنهم ليسوا مثل أولادكم؛ إنكم لا تتهمون على أولادكم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 299 ] وأخرج الحكيم عن زياد بن أبي زياد قال : قال رجل : يا رسول الله ، إن لي مالا، وإن لي خدما، وإني أغضب فأعزم وأشتم وأضرب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : توزن ذنوبه بعقوبتك؛ فإن كانت سواء فلا لك ولا عليك، وإن كانت العقوبة أكثر، فإنما هو شيء يؤخذ من حسناتك يوم القيامة . فقال الرجل : أوه أوه، ، يؤخذ من حسناتي أشهدك يا رسول الله أن مماليكي أحرار، أنا لا أمسك شيئا يؤخذ من حسناتي له ، قال : فحسبت ماذا! ألم تسمع إلى قوله تعالى : ونضع الموازين القسط ؟ الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد في " الزهد " ، والبيهقي في البعث ، عن ابن مسعود قال : يجاء بالناس يوم القيامة إلى الميزان فيتجادلون عنده أشد الجدال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : ونضع الموازين القسط الآية . قال : هو كقوله : والوزن يومئذ الحق [ الأعراف : 8 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 300 ] وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد ، أنه كان يقرأ : ( وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها ) بمد الألف ، قال : جازينا بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن أبي النجود، أنه قرأ : وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها على معنى جئنا بها، لا يمد : ( أتينا ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : مثقال حبة قال : وزن حبة ، وفي قوله : وكفى بنا حاسبين قال : محصين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية