الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ( 33 ) ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ( 34 ) لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ( 35 ) وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص ( 36 ) إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ( 37 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( من خشي الرحمن بالغيب ) محل " من " جر على نعت الأواب . ومعنى الآية : من خاف الرحمن وأطاعه بالغيب ولم يره . وقال الضحاك والسدي : يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد . قال الحسن : إذا أرخى الستر وأغلق الباب . ( وجاء بقلب منيب ) مخلص مقبل إلى طاعة الله .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ادخلوها ) [ أي : يقال لأهل هذه الصفة : ادخلوها ] أي ادخلوا الجنة ( بسلام ) بسلامة من العذاب والهموم . وقيل بسلام من الله وملائكته عليهم . وقيل : بسلامة من زوال النعم ( ذلك يوم الخلود ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ( لهم ما يشاءون فيها ) وذلك أنهم يسألون الله تعالى حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما شاءوا ، ثم يزيدهم الله من عنده ما لم يسألوه ، وهو قوله : ( ولدينا مزيد ) يعني الزيادة لهم في النعيم ما لم يخطر ببالهم . وقال جابر وأنس : هو النظر إلى وجه الله الكريم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله - عز وجل - : ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد ) ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا ، وأصله من النقب ، وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق ( هل من محيص ) فلم يجدوا محيصا من أمر الله . وقيل : " هل من محيص " مفر من الموت ؟ فلم يجدوا [ منه مفرا ، وهذا إنذار ] لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفرا عن الموت يموتون ، فيصيرون إلى عذاب الله .

                                                                                                                                                                                                                                      ( إن في ذلك ) فيما ذكرت من العبر وإهلاك القرى ( لذكرى ) تذكرة وعظة ( لمن كان له قلب ) [ ص: 364 ] قال ابن عباس : أي عقل . قال الفراء : هذا جائز في العربية ، تقول : ما لك قلب ، وما قلبك معك ، أي ما عقلك معك ، وقيل : له قلب حاضر مع الله . ( أو ألقى السمع ) استمع القرآن ، واستمع ما يقال له ، لا يحدث نفسه بغيره ، تقول العرب : ألق إلي سمعك ، أي استمع ( وهو شهيد ) أي حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية