الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( وفي الأرض آيات للموقنين ( 20 ) وفي أنفسكم أفلا تبصرون ( 21 ) وفي السماء رزقكم وما توعدون ( 22 ) فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ( 23 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( وفي الأرض آيات ) عبر ( للموقنين ) إذا ساروا فيها من الجبال والبحار والأشجار والثمار وأنواع النبات . ( وفي أنفسكم ) آيات ، إذ كانت نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما إلى أن نفخ فيها الروح .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عطاء عن ابن عباس : يريد اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن الزبير : يريد سبيل الغائط والبول يأكل ويشرب من مدخل واحد ويخرج من سبيلين .

                                                                                                                                                                                                                                      ( أفلا تبصرون ) [ قال مقاتل ] أفلا تبصرون كيف خلقكم فتعرفوا قدرته على البعث .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وفي السماء رزقكم ) قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل : يعني المطر الذي هو سبب الأرزاق ( وما توعدون ) قال عطاء : من الثواب والعقاب . وقال مجاهد : من الخير والشر . وقال الضحاك : وما توعدون من الجنة والنار ، ثم أقسم بنفسه فقال :

                                                                                                                                                                                                                                      ( فورب السماء والأرض إنه لحق ) أي : ما ذكرت من أمر الرزق لحق ( مثل ) قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم : " مثل " برفع اللام بدلا من " الحق " ، وقرأ الآخرون بالنصب أي كمثل ( ما أنكم تنطقون ) فتقولون : لا إله إلا الله . وقيل : شبه تحقيق ما أخبر عنه بتحقيق [ ص: 376 ] نطق الآدمي ، كما تقول : إنه لحق كما أنت ها هنا ، وإنه لحق كما أنك تتكلم ، والمعنى : إنه في صدقه ووجوده كالذي تعرفه ضرورة . قال بعض الحكماء : يعني : كما أن كل إنسان ينطق بلسان نفسه لا يمكنه أن ينطق بلسان غيره فكذلك كل إنسان يأكل رزق نفسه الذي قسم له ، ولا يقدر أن يأكل رزق غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية