الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر جملة الغزوات

            بسم الله الرحمن الرحيم قال : حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام ، قال : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي : وكان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعا وعشرين غزوة . منها غزوة ودان ، وهي غزوة الأبواء ، ثم غزوة بواط ، من ناحية رضوى ، ثم غزوة العشيرة ، من بطن ينبع ، ثم غزوة بدر الأولى ، يطلب كرز بن جابر ، ثم غزوة بدر الكبرى ، التي قتل الله فيها صناديد قريش ، ثم غزوة بني سليم ، حتى بلغ الكدر ، ثم غزوة السويق ، يطلب أبا سفيان بن حرب ، ثم غزوة غطفان ، وهي غزوة ذي أمر ، ثم غزوة بحران ، معدن بالحجاز ، ثم غزوة أحد ، ثم غزوة حمراء الأسد ، ثم غزوة بني النضير ، ثم غزوة ذات الرقاع من نخل ، ثم غزوة بدر الآخرة ، ثم غزوة دومة الجندل ، ثم غزوة الخندق ، ثم غزوة بني قريظة ، ثم غزوة بني لحيان ، من هذيل ، ثم غزوة ذي قرد ، ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة ، ثم غزوة الحديبية ، لا يريد قتالا ، فصده المشركون ، ثم غزوة خيبر ، ثم عمرة القضاء ، ثم غزوة الفتح ، ثم غزوة حنين ، ثم غزوة الطائف ، ثم غزوة تبوك . قاتل منها في تسع غزوات : بدر ، وأحد والخندق ، وقريظة ، والمصطلق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطائف . ذكر جملة السرايا والبعوث

            وكانت بعوثه صلى الله عليه وسلم وسراياه ثمانيا وثلاثين ، من بين بعث وسرية : غزوة عبيدة بن الحارث أسفل من ثنية ذي المروة ، ثم غزوة حمزة بن عبد المطلب ساحل البحر ، من ناحية العيص ؛ وبعض الناس يقدم غزوة حمزة قبل غزوة عبيدة ؛ وغزوة سعد بن أبي وقاص الخرار ، وغزوة عبد الله بن جحش نخلة ، وغزوة زيد بن حارثة القردة وغزوة محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف ، وغزوة مرثد بن أبي مرثد الغنوي الرجيع ، وغزوة المنذر بن عمرو بئر معونة ، وغزوة أبي عبيدة بن الجراح ذا القصة ، من طريق العراق ، وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر ، وغزوة علي بن أبي طالب اليمن ، وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي ، كلب ليث ، الكديد ، فأصاب بني الملوح .

            قال ابن إسحاق : وغزوة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بني عبد الله بن سعد من أهل فدك ؛ وغزوة أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم ، أصيب بها هو وأصحابه جميعا ؛ وغزوة عكاشة بن محصن الغمرة ؛ وغزوة أبي سلمة ب?ن عبد الأسد قطنا ، ماء من مياه بني أسد ، من ناحية نجد ، قتل بها مسعود بن عروة ؛ وغزوة محمد بن مسلمة ، أخي بني حارثة القرطاء من هوازن ؛ وغزوة بشير بن سعد بني مرة بفدك ؛ وغزوة بشير بن سعد ناحية خيبر ، وغزوة زيد بن حارثة الجموم من أرض بني سليم ، وغزوة زيد بن حارثة جذام ، من أرض خشين .

            قال ابن هشام : عن نفسه ، والشافعي عن عمرو بن حبيب عن ابن إسحاق : من أرض حسمى . وفي الكامل قال: وجميع غزواته بنفسه -صلى الله عليه وسلم- تسع عشرة غزوة .

            قال الواقدي : هكذا يرويه أهل العراق عن زيد بن أرقم ، وهو خطأ ؛ لأن زيدا غزا مؤتة مع عبد الله بن رواحة وهو رديفه على رحله ، ولم يغز مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ثلاث غزوات أو أربع ، وقيل : غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستا وعشرين غزوة ، وقيل : سبعا وعشرين ، فمن قال ستا وعشرين جعل غزوة خيبر ووادي القرى واحدة ؛ لأنه لم يرجع من خيبر إلى منزله ، ومن فرق بينهما جعل غزواته سبعا وعشرين ، وجعل خيبر غزوة ، ووادي القرى غزوة . غزواته وبعوثه وسراياه صلى الله عليه وسلم

            غزواته كلها وبعوثه وسراياه كانت بعد الهجرة في مدة عشر سنين ، فالغزوات سبع وعشرون ، وقيل : خمس وعشرون ، وقيل : تسع وعشرون ، وقيل غير ذلك ، قاتل منها في تسع : بدر ، وأحد ، والخندق ، وقريظة ، والمصطلق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطائف . وقيل : قاتل في بني النضير ، والغابة ، ووادي القرى من أعمال خيبر . وأما سراياه وبعوثه ، فقريب من ستين والغزوات الكبار الأمهات سبع : بدر ، وأحد ، والخندق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، وتبوك . وفي شأن هذه الغزوات نزل القرآن ، فسورة ( الأنفال ) سورة بدر ، وفي أحد آخر سورة ( آل عمران ) من قوله ( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ) [ آل عمران 121 ] إلى قبيل آخرها بيسير ، وفي قصة الخندق ، وقريظة ، وخيبر صدر ( سورة الأحزاب ) ، وسورة ( الحشر ) في بني النضير ، وفي قصة الحديبية وخيبر سورة ( الفتح ) وأشير فيها إلى الفتح ، وذكر الفتح صريحا في سورة ( النصر ) .

            وجرح منها صلى الله عليه وسلم في غزوة واحدة وهي أحد ، وقاتلت معه الملائكة منها في بدر وحنين ، ونزلت الملائكة يوم الخندق ، فزلزلت المشركين وهزمتهم ، ورمى فيها الحصباء في وجوه المشركين فهربوا ، وكان الفتح في غزوتين : بدر ، وحنين .

            وقاتل بالمنجنيق منها في غزوة واحدة ، وهي الطائف ، وتحصن في الخندق في واحدة ، وهي الأحزاب أشار به عليه سلمان الفارسي رضي الله عنه . وذكرها -يعني السريا والبعوث- أبو عمر رحمه الله تعالى في أول الاستيعاب سبعا وأربعين . وذكرها محمد بن عمر رحمه الله تعالى ثمانيا وأربعين وأبو الفضل ستا وخمسين . ونقل المسعودي عن بعضهم أنها ستون .

            وعلى ذلك جرى الحافظ أبو الفضل العراقي رحمه الله تعالى في ألفية السيرة ، وذكر فيها أن الإمام الحافظ محمد بن نصر أوصلها إلى السبعين ، وأن الإمام الحافظ أبا عبد الله الحاكم رحمه الله تعالى قال : إنه ذكر في الإكليل أنها فوق المائة . قال العراقي : ولم أجد هذا القول لأحد سواه . قال الحافظ رحمه الله تعالى : لعل الحاكم أراد بضم المغازي إليها .

            قلت : عبارة الحاكم كما رواها عنه ابن عساكر بعد أن روي عن قتادة أن مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه كانت ثلاثا وأربعين . قال الحاكم : هكذا كتبناه . وأظنه أراد السرايا دون الغزوات ، فقد ذكرت في كتاب الإكليل على الترتيب بعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه زيادة على المائة . قال : «وأخبرني الثقة من أصحابنا ببخارى أنه قرأ في كتاب أبي عبد الله محمد بن نصر السرايا والبعوث دون الحروب بنفسه نيفا وسبعين» . انتهى .

            قال في البداية : وهذا الذي ذكره الحاكم غريب جدا ، وحمله كلام قتادة على ما قال ، فيه نظر فقد روى الإمام أحمد [عن أزهر بن القاسم الراسبي عن هشام الدستوائي] عن قتادة أن مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه ثلاث وأربعون : أربعة وعشرون بعثا وتسع عشرة غزوة .

            قلت : والذي وقفت عليه من السرايا والبعوث لغير الزكاة يزيد على السبعين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية