الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين . وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 198 ] قوله تعالى: إنما أمرت المعنى : قل للمشركين : إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وقرأ ابن مسعود ، وأبو عمران الجوني : " التي حرمها " ، وهي مكة ، وتحريمها : تعظيم حرمتها بالمنع من القتل فيها والسبي والكف عن صيدها وشجرها ، وله كل شيء لأنه خالقه ومالكه ، وأمرت أن أكون من المسلمين أي : من المخلصين لله بالتوحيد ، وأن أتلو القرآن عليكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه أي : فله ثواب اهتدائه ومن ضل أي : أخطأ [طريق] الهدى فقل إنما أنا من المنذرين أي : ليس علي إلا البلاغ ; وذكر المفسرون أن هذا منسوخ بآية السيف . وقل الحمد لله أي : قل لمن ضل : الحمد لله الذي وفقنا لقبول ما امتنعتم منه سيريكم آياته .

                                                                                                                                                                                                                                      ومتى يريهم . فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : في الدنيا . ثم فيها ثلاثة أقوال . أحدها : أن منها الدخان وانشقاق القمر ، وقد أراهم ذلك ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : سيريكم آياته [فتعرفونها] في السماء ، وفي أنفسكم ، وفي الرزق ، قاله مجاهد . والثالث : القتل ببدر ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : سيريكم آياته في الآخرة فتعرفونها على ما قال في الدنيا ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 199 ] قوله تعالى: وما ربك بغافل عما تعملون وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم : " تعلمون " بالتاء ، على معنى : قل لهم . وقرأ الباقون بالياء ، على أنه وعيد لهم بالجزاء على أعمالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية