الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر حال سيف الدولة بواسط

قد ذكرنا مقام سيف الدولة علي بن حمدان بواسط بعد انحدار البريديين عنها ، وكان يريد الانحدار إلى البصرة لأخذها من البريدي ، ولا يمكنه لقلة المال عنده ، ويكتب إلى أخيه في ذلك ، فلا ينفذ إليه شيئا ، وكان توزون وخجخج يسيئان الأدب ويتحكمان عليه .

ثم إن ناصر الدولة أنفذ إلى أخيه مالا مع أبي عبد الله الكوفي ليفرقه في الأتراك ، فأسمعه توزون وخجخج المكروه ، وثارا به ، فأخذه سيف الدولة وغيبه عنهما وسيره إلى بغداذ ، وأمر توزون أن يسير إلى الجامدة ويأخذها وينفرد بحاصلها ، وأمر خجخج أن يسير إلى مذار ويحفظها ويأخذ حاصلها ، [ ص: 116 ] وكان سيف الدولة يزهد بالأتراك في العراق ، ويحسن لهم قصد الشام معه والاستيلاء عليه وعلى مصر ، ويقع في أخيه عندهم ، فكانوا يصدقونه في أخيه ، ولا يجيبونه إلى المسير إلى الشام معه ، ويتسحبون عليه ، وهو يجيبهم إلى الذي يريدونه .

فلما كان سلخ شعبان ، ثار الأتراك بسيف الدولة فكبسوه ليلا ، فهرب من معسكره إلى بغداذ ، ونهب سواده ، وقتل جماعة من أصحابه .

وأما ناصر الدولة فإنه لما وصل إليه أبو عبد الله الكوفي وأخبره الخبر ، برز ليسير إلى الموصل ، فركب المتقي إليه ، وسأله التوقف عن المسير ، فأظهر له الإجابة إلى أن عاد ، ثم سار إلى الموصل ونهبت داره ، وثار الديلم والأتراك ودبر الأمر أبو إسحاق القراريطي من غير تسمية بوزارة .

وكانت إمارة ناصر الدولة أبي محمد الحسين بن عبد الله بن حمدان ببغداذ ثلاثة عشر شهرا وخمسة أيام ، ووزارة أبي العباس إلى الأصبهاني أحدا وخمسين يوما ، ووصل سيف الدولة إلى بغداذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية