الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 410 ] ( أم للإنسان ما تمنى ( 24 ) فلله الآخرة والأولى ( 25 ) وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ( 26 ) إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ( 27 ) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ( 28 ) فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ( 29 ) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ( 30 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ( أم للإنسان ما تمنى ) أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام ؟

                                                                                                                                                                                                                                      ( فلله الآخرة والأولى ) ليس كما ظن الكافر وتمنى ، بل لله الآخرة والأولى ، لا يملك أحد فيهما شيئا إلا بإذنه .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وكم من ملك في السماوات ) يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعتهم عند الله ( لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله ) في الشفاعة ( لمن يشاء ويرضى ) أي : من أهل التوحيد . قال ابن عباس : يريد لا تشفع الملائكة إلا لمن - رضي الله عنه - . وجمع الكناية في قوله : " شفاعتهم " والملك واحد؛ لأن المراد من قوله : " وكم من ملك " الكثرة ، فهو كقوله : " فما منكم من أحد عنه حاجزين " ( الحاقة - 47 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ) أي : بتسمية الأنثى حين قالوا : إنهم بنات الله .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وما لهم به من علم ) قال مقاتل : [ معناه ] ما يستيقنون أنهم [ بنات الله ] ( إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) " والحق " بمعنى العلم ، أي : لا يقوم الظن مقام العلم . وقيل : " الحق " بمعنى العذاب ، [ أي : أظنهم لا ينقذهم من العذاب شيء ] .

                                                                                                                                                                                                                                      ( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ) يعني القرآن . وقيل : الإيمان ( ولم يرد إلا الحياة الدنيا . ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم صغر رأيهم فقال : ( ذلك مبلغهم من العلم ) أي : ذلك نهاية علمهم وقدر عقولهم أن [ ص: 411 ] آثروا الدنيا على الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : لم يبلغوا من العلم إلا ظنهم أن الملائكة بنات الله ، وأنها تشفع لهم ، فاعتمدوا على ذلك وأعرضوا عن القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ) أي : هو عالم بالفريقين فيجازيهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية