الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1571 894 - (1567) - (1 \ 181) عن مصعب بن سعد ، قال : أنزلت في أبي أربع آيات ، قال : قال أبي : أصبت سيفا ، قلت : يا رسول الله ! نفلنيه . قال : "ضعه " ، قلت : يا رسول الله ! نفلنيه ، أجعل كمن لا غناء له ؟ قال : "ضعه من حيث أخذته " ، فنزلت : يسألونك عن الأنفال - قال : وهي في قراءة بن مسعود كذلك - قل الأنفال . وقالت أمي : أليس الله يأمرك بصلة الرحم ، وبر الوالدين ; والله لا آكل طعاما ، ولا أشرب شرابا ، حتى تكفر بمحمد ، فكانت لا تأكل حتى يشجروا فمها بعصا ، فيصبون فيه الشراب - قال شعبة : وأراه قال : والطعام - ، فأنزلت : ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن ، وقرأ حتى بلغ : بما كنتم تعملون [لقمان : 14 - 15] . ودخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا مريض ، قلت : يا رسول الله ! أوصي بمالي كله ؟ فنهاني ، قلت : النصف ؟ قال : "لا " ، قلت : الثلث ؟ فسكت ، فأخذ الناس به ، وصنع رجل من الأنصار طعاما ، فأكلوا وشربوا

[ ص: 136 ] وانتشوا من الخمر ، وذاك قبل أن تحرم ، فاجتمعنا عنده ، فتفاخروا ، وقالت الأنصار : الأنصار خير ، وقالت المهاجرون : المهاجرون خير ، فأهوى له رجل بلحي جزور ، ففزر أنفه ، فكان أنف سعد مفزورا ، فنزلت : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى قوله : فهل أنتم منتهون
[المائدة : 90 - 91] .

التالي السابق


* قوله : "نفلنيه " : من التنفيل ; أي : أعطنيه زائدا على سهم الغنيمة .

* "أجعل " : يحتمل على بناء الفاعل ، و"الغناء" - بالفتح والمد - : الكفاية ; أي : اجتهدت في طلب السيف كاجتهاد من لا كفاية له ، والمشهور أنه على بناء المفعول ; أي : قد سعيت في القتال ما سعيت ، فلا تجعلني مثل الضعفاء الذين لا فائد[ة] ، فيهم في القتال .

* "حتى يشجروا " : في "النهاية " : الشجر : مفتح الفم ، وقيل : الذقن ، ومنه حديث أم سعد : إذا أرادوا أن يطعموها أو يسقوها شجروا فاها ; أي : أدخلوا في شجرها عودا حتى يفتحوه به .

* "فسكت " : أي : عن رده ، بل صرح بجوازه كما جاءت به الرواية .

* "وانتشوا " : من انتشى : إذا سكر .

* "عنده " : حينما فعلنا ذلك الأمر .

* "فأهوى له " : أي : لسعد .

* "بلحي جزور " : اللحي - بفتح فسكون - : عظم ينبت عليه الأسنان .

* "ففزر " : من الفزر - بفاء ثم زاي ثم راء - : الصدع .

* * *




الخدمات العلمية