الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وليطوفوا بالبيت العتيق .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : وليطوفوا قال : هو الطواف الواجب يوم النحر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، عن الضحاك : وليطوفوا قال : طواف الزيارة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس : وليطوفوا يعني زيارة [ ص: 480 ] البيت ، ولفظ ابن جرير : هو طواف الزيارة يوم النحر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري في " تاريخه " والترمذي وحسنه ، وابن جرير ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في " الدلائل " عن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما سمى الله البيت العتيق؛ لأنه أعتق من الجبابرة، فلم يظهر عليه جبار قط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : البيت العتيق أعتق من الجبابرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة لم يدعه جبار قط ، وفي لفظ : فليس في الأرض جبار يدعي أنه له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد قال : إنما سمي البيت العتيق؛ لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق في زمان نوح .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 481 ] وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أول بيت وضع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الطواف بالبيت ملاذا؛ لأن الله لما خلق آدم أمر إبليس بالسجود له فأبى، فغضب الرحمن فلاذت الملائكة بالبيت حتى سكن غضبه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : وليطوفوا بالبيت العتيق طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في "سننه" ، عن ابن عباس قال : الحجر من البيت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من ورائه ، قال الله تعالى : وليطوفوا بالبيت العتيق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : طواف الوداع واجب، وهو قول الله : وليطوفوا بالبيت العتيق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال : قال لي ابن عباس : أتقرأ سورة الحج؟ يقول الله : وليطوفوا بالبيت العتيق قال : فإن آخر المناسك الطواف بالبيت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عباس قال : كانوا ينفرون من منى إلى [ ص: 482 ] وجوههم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون آخر عهدهم بالبيت، ورخص للحائض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في " شعب الإيمان " عن أبي سعيد الخدري قال : من طاف بهذا البيت سبعا لا يتكلم فيه إلا بتكبير أو تهليل كان عدل رقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين كان مثل يوم ولدته أمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : من طاف بالبيت كان كعدل رقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في " الشعب " ، عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من طاف بالبيت سبعا يحصيه كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحيت عنه سيئة، ورفعت له درجة، وكان له عدل رقبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي ، والبيهقي عن أبي عقال قال : طفت مع أنس في مطر [ ص: 483 ] فقال لنا : استأنفوا العمل فقد غفر لكم؛ طفت مع نبيكم صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم فقال : استأنفوا العمل فقد غفر لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والبيهقي عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من طاف حول البيت أسبوعا لا يلغو فيه كان كعدل رقبة يعتقها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن ابن عباس قال : من طاف بالبيت خمسين أسبوعا، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وأبو داود ، والترمذي وقال : حسن صحيح والنسائي ، وابن ماجه ، والدارمي ، وابن خزيمة ، والطحاوي ، وأبو يعلى ، وابن حبان ، والدارقطني ، والطبراني ، والبيهقي ، والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 484 ] وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء أنه طاف بالبيت بعد العصر وصلى ركعتين، فقيل له، فقال : إنها ليست كسائر البلدان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عمر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت استلم الحجر والركن في كل طواف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عباس قال : رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وسجد عليه، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عباس يقول : احفظوا هذا الحديث ، وكان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو به بين الركنين : رب قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 485 ] وأخرج الترمذي ، والحاكم وصححه ، عن ابن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الطواف بالبيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي في " شعب الإيمان " عن عبد الأعلى التيمي قال : قالت خديجة بنت خويلد : يا رسول الله، ما أقول وأنا أطوف بالبيت؟ قال : قولي : اللهم اغفر لي ذنوبي، وخطاياي وعمدي وإسرافي في أمري، إنك إلا تغفر لي تهلكني .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والحاكم وصححه ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أسمعت ابن عباس قال : إنما أمرتم بالطواف به، ولم تؤمروا بدخوله ؟ قال : لم يكن ينهانا عن دخوله، ولكن سمعته يقول : أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت فلما خرج ركع ركعتين في قبل البيت ، وقال : هذه القبلة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 486 ] وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع وهو حزين، فقلت : يا رسول الله، خرجت من عندي وأنت كذا وكذا ، قال : إني دخلت الكعبة ، وددت أني لم أكن فعلته؛ إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة ، أنها كانت تقول : عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة حين يرفع بصره قبل السقف لا يدع ذلك إجلالا لله وإعظاما! دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية