الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن مروان ، أبو نصر الكردي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب بلاد بكر وميافارقين ، لقبه القادر بالله نصر الدولة ، ملك هذه البلاد ثنتين وخمسين سنة ، وتنعم تنعما لم يقع لأحد من أهل زمانه ، ولا أدركه فيه أحد من بعده ، وكان عنده خمسمائة سرية سوى من يخدمهن ، وعنده خمسمائة خادم ، وعنده من المغنيات شيء كثير ، كل واحدة مشتراها خمسة آلاف دينار وأكثر ، وكان يحضر في مجلسه من الآلات والأواني ما يساوي مائتي ألف دينار ، وتزوج بعدة من بنات الملوك ، وكان كثير المهادنة للملوك ، إذا قصده عدو أرسل إليه بمقدار ما يغرمه على حربه ويصالحه بذلك ، فيرجع عنه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد أرسل إلى الملك طغرلبك بهدية عظيمة حين ملك العراق ، من ذلك جبل من ياقوت كان لبني بويه ، اشتراه بمقدار عظيم ، وبعث إليه بمائة ألف دينار عينا ، وغير ذلك . ووزر له أبو القاسم المغربي مرتين ، ووزر له أيضا أبو نصر محمد بن محمد بن جهير ، فخر الملك ، وكانت بلاده من آمن البلاد ، وأطيبها وأكثرها عدلا . وقد بلغه أن الطيور تنجع في الشتاء في الجبال إلى [ ص: 784 ] القرى ، فيصطادها الناس ، فأمر بفتح الأهراء وإلقاء ما يكفيها من الغلات في مدة الشتاء ، فكانت تكون في ضيافته طول عمره . وكانت وفاته في هذه السنة ، وقد قارب الثمانين أو جاوزها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن خلكان : قال ابن الأزرق في " تاريخه " : إنه لم يصادر أحدا من رعيته سوى رجل واحد ، ولم تفته صلاة مع كثرة مباشرته للذات ، وكانت له ثلاثمائة وستون حظية ، يبيت عند كل واحدة ليلة من السنة ، وخلف أولادا كثيرة ، ولم يزل على ذلك الحال إلى أن توفي في التاسع والعشرين من شوال من هذه السنة ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية